ومن وافقه أنه معنى واحد قائم بذات الرب تعالى: لأنه ليس بحرف ولا صوت ولا ينقسم ولا له أبعاض ولا له أجزاء وهو عين الأمر وعين النهي وعين الخبر وعين الاستخبار الكل واحد وهو عين التوراة وعين الإنجيل وعين القرآن والزبور وكونه أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا صفات لذلك المعنى الواحد لا أنواع له فإنه لا ينقسم بنوع ولا جزء وكونه قرآنا وتوراة وإنجيلا تقسيم للعبارات عنه لا لذاته بل إذا عبر عن ذلك المعنى بالعربية كان قرآنا وإذا عبر عنه بالعبرانية كان توراة وإذا عبر عنه بالسريانية كان إنجيلا والمعنى واحد وهذه الألفاظ عبارة عنه ولا يسميها حكاية وهي خلق من المخلوقات وعنده لم يتكلم الله بهذا الكلام العربي ولا سمع من الله وعنده ذلك المعنى سمع من الله حقيقة ويجوز أن يرى ويشم ويذاق ويلمس ويدرك بالحواس الخمس إذ المصحح عنده لإدراك الحواس هو الوجود فكل وجود يصح تعلق الإدراكات كلها به كما قرره في مسألة رؤية من ليس في جهة الرائي وأنه يرى حقيقة وليس مقابلا للرائي هذا قولهم في الرؤية وذلك قولهم في الكلام. والبلية العظمى نسبة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بهذا ودعا إليه الأمة وأنهم أهل الحق ومن عداهم أهل الباطل وجمهور العقلاء يقولون: إن تتصور هذا المذهب كاف في الجزم ببطلانه وهو لا يتصور إلا كما تصور المستحيلات الممتنعات وهذا المذهب مبني على مسألة إنكار قيام الأفعال والأمور الاختيارية بالرب تعالى: ويسمونها مسألة حلول الحوادث وحقيقتها إنكار أفعاله وربوبيته وإرادته ومشيئته. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي – ١/ ٤٨٥