للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: سجر جهنم وتسعرها]

روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله النار أرسل إليها جبريل قال له: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها، قال: فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضاً, فرجع فقال: وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها, فأمر بها فحفت بالشهوات, ثم قال له: اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها, فذهب فنظر إليها ورجع فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)) خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي (١).

وفي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ملكين أتياه في المنام فذكر رؤيا طويلة وفيها: قال: انطلقت, فأتينا على رجل كريه المرآة, كأكره ما أنت راء، فإذا هو عند نار يحشها ويسعى حولها قال: قلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق)) وفي آخر الحديث: ((قالا: فأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم)) وقد خرجه البخاري بتمامه، وخرج مسلم أوله ولم يتمه (٢).

وقوله: ((كريه المرآة)) أي المنظر, وقوله: ((يحشها)) أي يوقدها.

وروى هذا الحديث أبو خلدة عن أبي رجاء عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله، وفي حديثه قال: ((فرأيت شجرة لو اجتمع تحتها خلق كثير لأظلتهم, وتحتها رجلان أحدهما يوقد ناراً والآخر يحتطب الحطب)) وفي آخر الحديث: ((قلت: فالرجلان اللذان رأيت تحت الشجرة، قال: ذلك ملكان من جهنم يحمون جهنم لأعداء الله إلى يوم القيامة)) (٣) ...

وجهنم تسجر كل يوم نصف النهار, وفي (صحيح مسلم) عن عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلِّ صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع, فإنها تطلع بين قرني شيطان, وحينئذ يسجد لها الكفار, ثم صل فإن الصلاة مشهودة (محظورة) حتى يستقل الظل بالرمح, ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل)) (٤) وذكر بقية الحديث.

وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه من حديث أبي أمامة وغيره (٥).

وفي حديث صفوان بن المعطل عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا طلعت الشمس فصل حتى تعتدل على رأسك مثل المرح، فإذا اعتدلت على رأسك فإن تلك الساعة تسخر فيها جهنم وتفتح فيها أبوابها, حتى تزول عن حاجبك الأيمن)) خرجه عبدالله بن الإمام أحمد (٦).

وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإذا انتصف النهار فأقصر عن الصلاة حتى تميل الشمس, فإنها حيئنذ تسعر جهنم, وشدة الحر من فيح جهنم)) (٧).

وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبدالله بن مسعود قال: (أن الشمس تطلع بين قرني شيطان, أو في قرني شيطان, فما ترتفع قصمة في السماء إلا فتح لها باب من أبواب النار, فإذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها, فكنا ننهى عن الصلاة عند طلوع الشمس, وعند غروبها, ونصف النهار) (٨) خرجه يعقوب بن شيبة ورواه الإمام أحمد عن أبي بكر بن عياش أيضاً.

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) (٩) وفي رواية خرجها أبو نعيم: ((من فيح جهنم)) أو ((من فيح أبواب جهنم)) (١٠) التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار لا بن رجب - ص: ٩٨ – ١٠١


(١) رواه أبو داود (٤٧٤٤)، والترمذي (٢٥٦٠)، والنسائي (٧/ ٣)، وأحمد (٢/ ٣٣٢) (٨٣٧٩)، والحاكم (١/ ٧٩). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح. والحديث رواه مسلم مختصرا (٢٨٢٢).
(٢) رواه البخاري (٧٠٤٧)، ومسلم (٢٢٧٥).
(٣) رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٢٧/ ٤).
(٤) رواه مسلم (٨٣٢).
(٥) الحديث رواه الطبراني (٨/ ٢٨٨) (٨١٠٦)، والبيهقي (٢/ ٤٥٤) (٤٥٥٩). وقال: له شاهد،
(٦) رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٥/ ٣١٢) (٢٢٧١٣)، ورواه ابن ماجه (١٠٤٢)، والحاكم (٣/ ٥٩٤). وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وقال البوصيري (١/ ٢٢٩): هذا إسناد حسن، وقال الهيثمي (٢/ ٢٢٧): رواه عبد الله في زياداته في المسند، ورجاله رجال الصحيح، إلا أني لا أدري سمع سعيد المقبري منه أم لا؟
(٧) رواه ابن حبان (٤/ ٤١٨) (١٥٥٠)، وأبو يعلى (١١/ ٤٥٧) (٦٥٨١)، والبيهقي (٣/ ٣٠٢) (٦٠٢٣). قال ابن رجب في ((فتح الباري)) (٣/ ٢٨٨): منقطع، وضعف إسناده الألباني في ((صحيح ابن خزيمة)) (١٢٧٥).
(٨) رواه أبو يعلى (٨/ ٣٩٠) (٤٩٧٧)، والبزار كما في ((مجمع الزوائد)) (٢/ ٢٣٧) وقال: رواه أبو يعلى والبزار ورجالهما ثقات، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (٨٧٧).
(٩) رواه البخاري (٥٣٦)، ومسلم (٦١٥).
(١٠) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٦/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>