للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثامنا: الآثار الإيمانية لاسم الله الكافي]

إذا علم العبد أن الله هو الكافي عباده رزقاً ومعاشاً وقوتاً، وحفظاً وكلاءة، ونصراً وعزاً، اكتفى بمعونته عمن سواه.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومن استكفى كفاه الله عز وجل)) (١).

فمن وقع في شدة وضائقة، فليطلب من الله الكفاية؛ فإن الله يكفيه.

فإن الغلام المؤمن لما أبى أن يرجع عن دينه، دفعه الملك إلى نفر من أصحابه – أي جماعة من الناس – وقال لهم: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، جبل معروف عندهم شاهق رفيع؛ وقال لهم: إذا بلغوا ذروته فاطرحوه يعني على الأرض، ليقع من رأس الجبل فيموت، بعد أن تعرضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن رجع وإلا فاطرحوه.

فلما بلغوا قمة الجبل فطلبوا منه أن يرجع عن دينه أبى، لأن الإيمان قد وقر في قلبه ولا يمكن أن يتحول أو يتزحزح؛ فلما هموا أن يطرحوه قال: (اللهم اكفنيهم بما شئت) دعوة مضطر مؤمن: (اللهم اكفنيهم بما شئت) أي: بالذي تشاء ولم يعين، فرجف الله بهم الجبل فسقطوا وهلكوا. وجاء الغلام إلى الملك فقال: ما الذي جاء بك؟ أين أصحابك؟ فقال: قد كفانيهم الله، ثم دفعه إلى جماعة آخرين وأمرهم أن يركبوا البحر في قرقور –أي سفينة-؛ فإذا بلغوا لجة البحر عرضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن لم يفعل رموه في البحر.

فلما توسطوا من البحر عرضوا عليه أن يرجع عن دينه –وهو الإيمان بالله- فقال: لا! فقال: (اللهم اكفنيهم بما شئت) فانقلبت السفينة وغرقوا وأنجاه الله (٢) (٣).

ومن كان عليه دين، فليتضرع إلى الله تعالى ليكفيه همَّ الدين.

عن علي رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي؛ فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صير ديناً؛ أداه الله عنك؟! قال: ((قل: اللهم! اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)) (٤).

فنسأل الله تعالى، وهو خير مسؤول، أن يكفينا وإياكم هم الدنيا والآخرة، فإنه الكافي لكل مهم، وبيده الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الأسماء الحسنى والصفات العلى لعبد الهادي بن حسن وهبي – ص: ٢٢٠


(١) رواه النسائي (٥/ ٩٨)، وأحمد (٣/ ٩) (١١٠٧٥). وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)): حسن صحيح.
(٢) رواه مسلم (٣٠٠٥).
(٣) ((شرح رياض الصالحين)) (١/ ١٢٢ - ١٢٣).
(٤) رواه الترمذي (٣٥٦٣)، وأحمد (١/ ١٥٣) (١٣١٨)، والحاكم (١/ ٧٢١). قال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ١٥) كما قال ذلك في المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>