للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب]

(والرابع) في الخلافة والفضل (ابن عم) محمد صلى الله عليه وسلم (خير الرسل) أكرمهم على الله عز وجل (أعني) بذلك (الإمام الحق) بالإجماع بلا مدافعة ولا ممانعة ... وهو أمير المؤمنين وأبو السبطين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم رضي الله عنه وأرضاه.

((كان أبو طالب عم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخاً شقيقاً لأبيه عبد الله وأمه فاطمة بنت عمرو، كفل أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت جده عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين، ولما بعث آواه الله تعالى به وحماه، وهو مع ذلك على دين قومه، ولله في ذلك حكمة، وقد حرص النّبيّ صلى الله عليه وسلم على هداية عمّه كل الحرص، ولم يكن ذلك حتى خرجت روحه وهو يقول: على ملّة عبد المطلب، وأنزل الله تعالى في ذلك تعزية لنبيه صلى الله عليه وسلم إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء [القصص:٥٦] وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)) فنهاه الله تعالى عن الاستغفار له بقوله عز وجل مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:١١٣])) (١). الآيات.

وفي (صحيح مسلم): ((عن العباس بن عبد المطلب أنّه قال: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيءٍ فإنّه كان يحوطك ويغضب لك، قال: نعم، هو في ضحضاح من نارٍ، ولولا أنا لكان في الدّرك الأسفل من النّار)) (٢)، وفي لفظ: ((وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاحٍ)) (٣).

وفيه عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: ((لعلّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاحٍ من نارٍ يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه)) (٤).

وفيه عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعلٌ بنعلين يغلي منهما دماغه)) (٥).

وكفل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه وهو صغير، فلما بعث آمن به وهو ابن ثمان سنين، وهو أول من آمن من الصبيان، كما أنّ أبا بكر أول من آمن به من الرجال، وخديجة رضي الله عنها أول من آمن به من النساء، وورقة بن نوفل رضي الله عنه أول من آمن به من الشيوخ، وزيدٌ بن حارثة رضي الله عنه أول من آمن به من الموالي، وبلال رضي الله عنه أوّل من آمن به من الأرقاء صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين.

وكان عليٌّ صاحب دعوة قريش حين نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:٢١٤] فأمر عليّاً أن يدعوهم له فيجتمعون للنذارة. وهو الذي فاداه بنفسه فنام على فراشه ليلة مكر المشركين ... وهو الذي أدى الأمانات عنه بعدها. وهو الذي برز مع حمزة وعبيدة لخصمائهم يوم بدر وكان يقول: أنا أوّل من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة (٦).

وشهد مع الرّسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها إلا تبوك ...

وهو صاحب عمرو بن ود وخيله يوم الخندق، وفتح الله على يديه يوم خيبر بعد قتله فارسهم مرحب. وكان مع حماة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.


(١) رواه البخاري (١٣٦٠) , ومسلم (٢٤) , من حديث المسيب رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٦٢٠٨) , ومسلم (٢٠٩) (٣٥٧).
(٣) رواه مسلم (٢٠٩) (٣٥٨).
(٤) رواه البخاري (٣٨٨٥) , ومسلم (٢١٠).
(٥) رواه مسلم (٢١٢).
(٦) رواه البخاري (٣٩٦٥). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>