للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- النعت]

يصح إطلاق هذه اللفظة وإضافتها إلى الله تعالى، فتقول: نعت الله أو نعوت الله، ونحو ذلك، لأنَّ النعت في اللغة بمعنى الصفة – على الراجح -

قال ابنُ فارس في (معجم مقاييس اللغة): النعتُ: وصفك الشيء بما فيه من حسن؛ كذا قاله الخليل

وقال ابن منظور في (لسان العرب): النعتُ: وصفك الشيء، تنعته بما فيه وتبالغ في وصفه

وفي (مختار الصحاح): الصفة عندهم – يعني النحويين- هي النعت

قال المناوي في (التوقيف على مهمات التعاريف): الصفة لغة: النعت

وقال أبو هلال العسكري في كتاب (الفروق): الفرق بين (الصفة) و (النعت): النعت هو ما يظهر من الصفات ويشتهر، لأنَّ (النعت) يفيد من المعاني التي ذكرناها ما لا تفيده (الصفة)، ثم قد تتداخل (الصفة) و (النعت) فيقع كلُّ واحدٍ منهما موضع الآخر، لتقارب معنييهما، ويجوز أن يقال: (الصفة) لغة و (النعت) لغة أخرى، ولا فرق بينهما

وقد كَثُر في أقوال العلماء إضافة النعت إلى الله عزَّ وجلَ ومن ذلك:

قول ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [الأنعام: ١٤]: يقول الله: فاطرِ السموات والأرض أتخذُ ولياً؟ ففاطرِ السموات من نعتِ الله وصفتِه ولذلك خُفِض، وقوله في تفسير قوله تعالى: وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام: ٢٣]، واختلفت القراء أيضاً في قراءة قوله: وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فقرأ ذلك عامةُ قرَّاء المدينة وبعض الكوفيين والبصريين والله ربِّنا خفضاً على أنَّ الرب: نعتٌ لله

قول شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن أعظم الأصول معرفة الإنسان بما نعت الله به نفسه من الصفات الفعلية (١)

وقوله: إذا قيل: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، فهي كُلُّها أسماء لمسمى واحدٍ سبحانه وتعالى وإن كان كُلُّ اسمٍ يدل على نعتٍ لله تعالى لا يدل عليه الاسم الآخر (٢) وقوله واصفاً أهل الإيمان: وتضمن إيمانهم بالله إيمانهم بربوبيته وصفاتِ كمالِه ونعوتِ جلاله وأسمائه الحسنى، وعموم قدرته ومشيئته وكمال علمه وحكمته؛ فباينوا بذلك جميعَ طوائف أهل البدع والمنكرين لذلك أو لشيء منه (٣)

قول الحافظ ابن القيم: أسماؤه كلُّها أسماء مدحٍ وحمدٍ وثناءٍ وتمجيدٍ، ولذلك كانت حسنى، وصفاتُه كلُّها صفات كمالٍ، ونعوتُه كلُّها نعوتُ جلالٍ، وأفعالُه كلُّها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل (٤)

وقوله: التوحيدُ الحقُ هو ما نعت الله به نفسه على ألسنة رسله فهم لم ينعتوه من تلقاء أنفسهم وإنما نعتوه بما أذن لهم في نعته به (٥) وقوله: والتحقيق: أنَّ صفاتِ الرب جلَّ جلالُه داخلةٌ في مسمى اسمه، فليس اسمه: الله، والرب، والإله، أسماء لذاتٍ مجردة لا صفة لها البتة، فإنَّ هذه الذات المجردة وجودها مستحيل، وإنما يفرضها الذهن فرض الممتنعات ثم يحكم عليها واسم الله سبحانه والرب والإله اسم لذات لها جميع صفات الكمال ونعوت الجلال كالعلم والقدرة والحياة والإرادة والكلام والسمع والبصر والبقاء والقدم وسائر الكمال الذي يستحقه الله لذاته، فصفاته داخلة في مسمى اسمه، فتجريد الصفات عن الذات والذات عن الصفات فرضٌ وخيالٌ ذهني لا حقيقة له وهو أمر اعتباري لا فائدة فيه ولا يترتب عليه معرفة ولا إيمان ولا هو علم في نفسه فليس الله اسماً لذاتٍ لا نعتَ لها، ولا صفة ولا فعل ولا وجه ولا يدين، ذلك إلهٌ معدومٌ مفروضٌ في الأذهان، لا وجود له في الأعيان (٦)


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٦/ ٣٧٢).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ١٦٠).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (١٤/ ١٣٥).
(٤) ((مدارج السالكين)) (١/ ١٢٥).
(٥) ((مدارج السالكين)) (٣/ ٥٢١).
(٦) ((مدارج السالكين)) (٣/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>