للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: كفر وقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين]

من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم كفر وقتل من سبه .. ولهذا عندما أغلظ رجل على أبي بكر الصديق، فقال أبو برزة الأسلمي: (ألا أضرب عنقه؟ فانتهره أبو بكر، وقال: ما هي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (١).

نص كلام شيخ الإسلام في المسألة: قال شيخ الإسلام –رحمه الله-: (إن الساب إن كان مسلماً فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف) (٢).

ذكر من نقل الإجماع من أهل العلم أو نص على المسألة ممن سبق شيخ الإسلام:

قال الإمام إسحاق بن راهويه – رحمه الله -: (أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم .. أنه كافر بذلك وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله) (٣).

وقال الإمام محمد بن سحنون – رحمه الله -: (أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر) (٤).

وقال ابن المنذر – رحمه الله -: (وأجمعوا على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم أن له القتل) (٥).

وقال ابن حزم – رحمه الله-: (كل من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد يقتل ولابد) (٦).

وقد نقل شيخ الإسلام في (الصارم المسلول) عن غير هؤلاء حكايتهم للإجماع على قتل وتكفير شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم (٧).

ذكر مستند الإجماع على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين فإنه يكفر ويقتل:

قال تعالى: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: ٦١] إلى قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ [التوبة: ٦٣]. فإيذاء رسول الله بسبه وتنقصه محادة لله ورسوله، وحكم الله عز وجل لمن يحادد الله ورسوله بأن له نار جهنم خالداً فيها، والخلود للكافرين، قال ابن جرير الطبري في تأويل هذه الآية: (إنه من يحارب الله ورسوله، ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ في الآخرة خَالِدًا فِيهَا .. لابثاً فيها مقيماً إلى غير نهاية) (٨)، وهذا الوصف الذي ذكره الإمام الطبري لا يتحقق إلا في الكافرين فهم الذين يقيمون في النار إلى غير نهاية.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكره للآيات السابقة: ( .. دل ذلك على أن الإيذاء والمحادة كفر، لأنه أخبر أن له نار جهنم خالداً فيها ولم يقل: وهي جزاؤه، وبين الكلامين فرق) (٩).

وقال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة: ٦٥ - ٦٦] الآية، فالاستهزاء برسول الله كفر وردة بنص القرآن، فسب رسول الله أعظم من الاستهزاء لما فيه من التنقص والإيذاء العظيم له عليه الصلاة والسلام، فهو كفر من باب أولى.


(١) رواه البخاري (٣٤٤٣)، ومسلم (٢٣٦٥).
(٢) ((الصارم المسلول)) (٢/ ١٦).
(٣) نقلاً من كتاب ((الصارم المسلول)) (٢/ ١٥).
(٤) نقلاً من كتاب ((الصارم المسلول)) (٢/ ١٥).
(٥) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٧٦) كتاب المرتد، رقم: (٧٢٠).
(٦) ((المحلى)) (١١/ ٤١٤).
(٧) ((الصارم المسلول)) (٢/ ١٣ - ١٩).
(٨) ((تفسير الطبري)) (٦/ ٤٠٧).
(٩) ((الصارم المسلول)) (٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>