للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر وصف المؤمنين وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء: ١٥٢] فالمؤمنون يؤمنون برسل الله ولا يفرقون بين أحد منهم وأنهم جميعاً يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بما يعبد من دونه، وأنهم بلغوا رسالات الله بصدق وأمانة، وأن خاتمهم محمد بن عبد الله، نسخت شريعته جميع الشرائع السابقة، فنؤمن بجميع الأنبياء والرسل إجمالاً وندين بدين وشرعة محمد بن عبد الله إجمالاً وتفصيلاً، لا يقبل الله بعد بعثته ديناً سوى دينه.

وقال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:٢٨٥]، فمن كذب وكفر بنبي واحد فقد كذب وكفر بسائر الأنبياء، قال تعالى عن قوم نوح: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء: ١٠٥]، وقال تعالى: وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ [الفرقان: ٣٧] وهم إنما كذبوا وكفروا بنوح عليه السلام، لكن لما كان تكذيب نبي واحد والكفر به بمثابة من كذب وكفر بسائر الأنبياء، قال تعالى عنهم: كَذَّبُوا الرُّسُلَ [الفرقان: ٣٧] وكَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء: ١٢٣].

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد)) (١). فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء دينهم واحد، متفقون في أصل دينهم ورسالتهم وهو التوحيد .. فمن كفر بواحد منهم كفر بالجميع. المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين – ص: ٧٨٣


(١) رواه البخاري (٣٤٤٣)، ومسلم (٢٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>