للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الكلام والقول والحديث والنداء والصوت]

يعتقد أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ يتكلم ويقول ويتحدث وينادي، وأنَّ كلامه بصوت وحرف، وأنَّ القرآن كلامه، مُنَزَّلٌ غير مخلوق، وكلام الله صفةٌ ذاتيةٌ فعليةٌ (ذاتيةٌ باعتبار أصله وفعليةٌ باعتبار آحاده)

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: ١٦٤]

وقوله: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص: ٣٠] (نداء بصوت مسموع)

وقوله: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الكهف: ١٠٩] (كلام مكتوب)

وقوله: وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة: ٦] (كلام يُسمع)

وقوله: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء: ٨٧]

الدليل من السُّنَّة:

حديث احتجاج آدم وموسى وفيه: ((قال له آدم: يا موسى! اصطفاك الله بكلامه)) (١)

حديث قصة الإفك وقول عائشة رضي الله عنها: ((ولَشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمرٍ يتلى)) (٢)

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((إنَّ الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك فيقول: هل رضيتم؟)) (٣)

حديث ابن عباس رضي الله عنه: ((بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهنَّ لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما؛ إلا أعطيته)) (٤)

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((يقول الله: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، فينادى بصوت: إنَّ الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار)) (٥)

ومن أقوال العلماء في ذلك:

١ - قال الإمام البخاري: وإنَّ الله عَزَّ وجَلَّ ينادي بصوتٍ يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب، فليس هذا لغير الله جل ذكره، وفي هذا (يعني: حديث عبد الله بن أنيس ذكره بعد كلامه هذا) دليل أنَّ صوت الله لا يشبه أصوات الخلق؛ لأنَّ صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأنَّ الملائكة يصعقون من صوته؛ فإذا تنادى الملائكة؛ لم يصعقوا (٦)

٢ - وقال أبو بكر الخلال: أخبرني علي بن عيسى أنَّ حنبلاً حدثهم؛ قال: قلت لأبي عبد الله: الله يكلم عبده يوم القيامة؟ قال: نعم؛ فمن يقضي بين الخلائق إلا الله عَزَّ وجَلَّ؟! يكلم عبده ويسأله، الله متكلم، لم يزل الله متكلماً؛ يأمر بما يشاء، ويحكم بما يشاء، وليس له عدل ولا مثل، كيف شاء وأين شاء (٧)

٣ - وقال عبد الله ابن الإمام أحمد رحمهما الله: سألت أبي رحمه الله عن قوم يقولون: لما كلم الله عَزَّ وجَلَّ موسى؛ لم يتكلم بصوت، فقال أبي: بلى؛ إن ربك عَزَّ وجَلَّ تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت (٨).

٤ - وقال ابن أبي عاصم في (السُّنَّة): باب: ذكر الكلام والصوت والشخص وغير ذلك (٩)

٥ - وقال أبو الحسن الأشعري: وأجمعوا على إثبات حياة الله عَزَّ وجَلَّ، لم يزل بها حيّاً وكلاماً لم يزل به متكلماً اهـ (١٠)


(١) رواه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢).
(٢) رواه البخاري (٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٣) رواه البخاري (٦٥٤٩)، ومسلم (٢٨٢٩).
(٤) رواه مسلم (٨٠٦).
(٥) رواه البخاري (٧٤٨٣).
(٦) ((خلق أفعال العباد)) (ص١٤٩).
(٧) انظر: ((المسائل والرسالة المروية عن الإمام أحمد)) (١/ ٢٨٨).
(٨) ((المسائل والرسالة المروية عن الإمام أحمد)) (١/ ٣٠٢).
(٩) ((السنة)) (١/ ٢٢٥).
(١٠) ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>