للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: النقل الصحيح]

إن صحائح المنقول تشمل الكتاب العزيز والسنة الصحيحة، قال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ [النحل:٨٩]، والعقيدة في الله تعالى من أهم ما بين الله في كتابه، قال سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: ٩]، وأهم ذلك العقيدة في الله وفي أنبيائه ورسالاته والغيب وما يحويه.

وعن السنة قال تعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: ٣ - ٤]، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)) (١).

وبيان مسائل الاعتقاد من أول وأولى ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في نصوص السنة، وهو صلى الله عليه وسلم أنصح الأمة وأفصحها، وأحرصها على أمانة البلاغ والرسالة، لهذا كانت نصوص السنة مع الكتاب هي معول السلف ومعتمدهم في الاستدلال على مسائل الاعتقاد.

قال شيخ الإسلام عن أهل السنة: هم أهل الكتاب والسنة؛ لأنهم يؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد، ويتبعون آثاره صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً (٢).

يقول الإمام البربهاري: واعلم أنه من قال في دين الله برأيه وقياسه وتأوله من غير حجة من السنة والجماعة، فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن قال على الله ما لا يعلم فهو من المتكلفين. والحق ما جاء من عند الله عز وجل، والسنة ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجماعة ما اجتمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان. ومن اقتصر على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلج على أهل البدعة كلهم، واستراح بدنه، وسلم له دينه إن شاء الله، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ستفترق أمتي) وبيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية منها فقال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) (٣)، فهذا هو الشفاء والبيان، والأمر الواضح، والمنار المستقيم (٤).

وأهل السنة لا يستدلون بالقرآن دون السنة؛ بل بالسنة والقرآن، ولا يكمل دين العبد إلا بالإيمان بما فيهما؛ لأنهما مما أوتيه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) (٥).


(١) رواه ابن ماجه (٤٣) واللفظ له، وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٢) وأبو عوانة في (مسنده) (١/ ٣٦). من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال أبو عوانة: وهذا حديث جيد من صحيح حديث الشاميين, وقال البزار كما في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ٣٤٨): حديث ثابت صحيح, وقال ابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ٣٤٨): حديث ثابت.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/ ١٥٧).
(٣) رواه الترمذي (٢٦٤١) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال: هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه, وقال البغوي ((شرح السنة)) (١/ ٢١٣): ثابت, قال الحافظ العراقي في ((تخريج الإحياء)) (٣/ ٢٨٤): أسانيدها جياد. وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (٢٦٤١).
(٤) ((شرح السنة)) للبربهاري (ص٤٥).
(٥) رواه أبو داود (٤٦٠٤)، وأحمد (٤/ ١٣٠) (١٧٢١٣) واللفظ له، من حديث المقدام بن معديكرب رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)). وقال الوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (٥٩١): حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>