للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب]

أما الآيات التي تشير إلى فضائل ومناقب أهل البيت والتي تدل على رفعة منزلتهم وعلو درجتهم لما لهم من صلة بالنسب الشريف صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هي:

١ - قوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: ٣٣].

ففي هذه الآية منقبة عظيمة شرف الله بها آل البيت حيث طهرهم من الرجس تطهيراً وهي شاملة لجميع أهل بيته صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن سلك مسلكهم وسار على نهجهم فالله أراد لهم التطهير.

قال ابن حجر الهيتمي: هذه الآية منبع فضائل أهل البيت النبوي لاشتمالها على غرر من مآثرهم والاعتناء بشأنهم حيث ابتدأت بـ (إنما) المفيدة لحصر إرادته تعالى في أمرهم على إذهاب الرجس الذي هو الإثم أو الشك فيما يجب الإيمان به عنهم، وتطهيرهم من سائر الأخلاق والأحوال المذمومة (١).

وقد اختلف المفسرون في معنى الرجس على أربعة أقوال:

فقيل الإثم: وقيل الشرك، وقيل الشيطان، وقيل الأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة، فالأفعال الخبيثة كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، والأخلاق الذميمة كالشح، والبخل والحسد وقطع الرحم (٢).

٢ - قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: ٥٦].

وفي ذلك منقبة عظيمة ودرجة عالية شريفة حيث أمر بالصلاة عليهم تبعاً له صلى الله عليه وسلم يوضح ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن كعب بن عجرة قال: ((لما نزلت هذه الآية قلنا يا رسول الله: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ... )) (٣).

٣ - قوله تعالى: فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: ٦١].

في هذه الآية فضيلة عالية ومنقبة جليلة لأصحاب الكساء وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم. فقد روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: ((لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي)) (٤).

قال ابن حجر الهيتمي: فعلم أنهم المراد من الآية وأن أولاد فاطمة وذريتهم يسمون أبناءه وينسبون إليه نسبة صحيحة نافعة في الدنيا والآخرة (٥).

وكما هو معلوم أنه قد ورد الثناء في الكتاب والسنة على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في غير ما آية وحديث على سبيل العموم مثل:

قوله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح: ٢٩].

قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: ١٠٠].

وقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... [الفتح: ١٨].

وغير ذلك من الآيات، ويدخل في هذا الثناء صحابته من أهل بيته رضي الله عنهم دخولاً أولياً فهم أولى وألصق بالنبي صلى الله عليه وسلم من غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط لسليمان بن سالم بن رجاء –ص: ٦٠


(١) ((الصواعق المحرقة)) (ص: ٢٢٣).
(٢) انظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (٣/ ٥٧١)، و ((زاد المسير)) لابن الجوزي (٦/ ٣٨١).
(٣) رواه البخاري (٦٣٥٧).
(٤) رواه مسلم (٢٤٠٤).
(٥) ((الصواعق المحرقة)) (ص: ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>