للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه]

هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري كان اسمه في الجاهلية –عبد عمرو- وقيل عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أمه الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة (١).

(شهد -رضي الله عنه- بدراً والمشاهد كلها وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام) (٢) (وأحد الستة أصحاب الشورى الذين أخبر عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توفي وهو عنهم راض وأسند رفقته أمرهم إليه حتى بايع عثمان) (٣) (أسلم قديماً قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها) (٤).

(وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى بني كلب، وأرخى له عذبة بين كتفيه لتكون أمارة عليه للإمارة) (٥) ومناقبه -رضي الله عنه- كثيرة وقد وردت طائفة من الأحاديث الصحيحة بذكر مناقبه -رضي الله عنه- ومنها:

- روى الإمام مسلم بإسناده إلى عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك قال المغيرة: ((فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أخذت أهريق على يديه من الإداوة وغسل يديه ثلاث مرات ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته فأدخل يديه في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ على خفيه، ثم أقبل. قال المغيرة: فأقبلت معه حتى وجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى لهم فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الآخرة فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته فأفزع ذلك المسلمين فأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: أحسنتم أو قال: أصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها)) (٦).

فصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية من صلاة الفجر دلت على منقبة عظيمة له لا تبارى، رضي الله عنه وأرضاه.

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أنه تقاول هو وخالد بن الوليد في بعض الغزوات فأغلظ له خالد في المقال فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)) (٧).

فقوله صلى الله عليه وسلم ((لا تسبوا أحداً من أصحابي)) يعني عبد الرحمن ونحوه الذين هم السابقون الأولون وهم الذين أسلموا من قبل الفتح وقاتلوا وهم أهل بيعة الرضوان فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان وهم الذين أسلموا بعد الحديبية وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة ومنهم خالد بن الوليد (٨) فالحديث تضمن منقبة رفيعة لعبد الرحمن بن عوف حيث كان ممن شرف بالسبق إلى الإسلام.


(١) انظر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٣/ ١٢٤)، ((المستدرك)) (٣/ ٣٠٦)، ((الاستيعاب لابن عبد البر على حاشية الإصابة)) (٢/ ٣٨٥)، ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٧٨)، ((الإصابة)) (٢/ ٤٠٨).
(٢) ((الرياض النضرة في مناقب العشرة)) (٤/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، وانظر: ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٧٨).
(٣) ((الإصابة)) (٢/ ٤٠٨).
(٤) ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٣/ ١٢٤)، ((المستدرك)) للحاكم (٣/ ٣٠٩).
(٥) ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٧٨).
(٦) رواه مسلم (٢٧٤).
(٧) رواه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٨) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>