للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب التاسع: صفات أهل النار]

عن حارثة بن وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف, لو أقسم على الله لأبره, ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل, جواظ, مستكبر)) (١).

و (العتل) قال مجاهد وعكرمة: (هو القوي) (٢)، وقال أبو رزين: (هو الصحيح) (٣).

وقال عطاء بن يسار: عن وهب الذماري قال: (تبكي السماء والأرض من رجل أتم الله خلقه, وأرحب جوفه, وأعطاه معظماً من الدنيا, ثم يكون ظلوماً غشوماً للناس, لذلك العتل الزنيم) (٤).

وقال إبراهيم النخعي: (العتل: الفاجر, والزنيم: اللئيم في أخلاق الناس).

وروى شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة جواظ, ولا جعظري, ولا العتل الزنيم, فقال رجل من المسلمين: ما الجواظ, الجعظري, والعتل الزنيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجواظ الذي جمع ومنع, وأما الجعظري فالفظ الغليظ قال الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:١٥٩] وأما العتل الزنيم فشديد الخلق, رحيب الجوف, مصحح, أكول, شروب, واجد للطعام, ظلوم للأنام)) (٥).

وروى معاوية بن صالح عن كثير بن الحارث عن القاسم مولى معاوية قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم قال: ((هو الفاحش اللئيم)) (٦) وقال معاوية: وحدثني عياض بن عبدالله الفهري عن موسى بن عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك خرجه كله ابن أبي حاتم (٧).

وأما المستكبر فهو الذي يتعاطى الكبر على الناس والتعاظم عليهم, وقد قال الله تعالى: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:٦٠] وقد ذكرنا فيما سبق حديث: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر, يساقون إلى سجن في النار يقال له: بولس, تعلوهم نار الأنيار, يغشاهم الذل من كل مكان)) (٨) فإن عقوبة التكبر الهوان والذل كما قال الله تعالى: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف:٢٠]

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه عز وجل قال: ((الكبرياء ردائي, والعظمة إزاري, فمن نازعني واحداً منهما عذبته بناري)) يعني: ألقيته في جهنم (٩).


(١) رواه البخاري (٤٩١٨)، ومسلم (٢٨٥٣).
(٢) ((تفسير ابن كثير)) (٨/ ١٩٣).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٣٦)،
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٣٦).
(٥) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (ص: ٣٣٠٩).
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٣٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (ص: ٣٣١٠).
(٧) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (ص: ٣٣١٠).
(٨) رواه الترمذي (٢٤٩٢)، أحمد (٢/ ١٧٩) (٦٦٧٧). من حديث جد عمرو بن شعيب. قال الترمذي: حسن صحيح، وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (٦/ ٥٣٧)، وابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ٤٧٤) كما قال ذلك في المقدمة.
(٩) رواه مسلم (٢٦٢٠) بلفظ ((العز إزاره))، ورواه أبو داود (٤٠٩٠)، وأحمد (٢/ ٤١٤) (٩٣٤٨) كلاهما بلفظ ((قذفته))، وابن ماجه (٣٣٨٣)، وابن حبان (١٢/ ٤٨٦) كلاهما بلفظ: ((ألقيته)). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>