للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: أقسام الناس بالنسبة للهجر]

تختلف منزلة الناس من حيث المعصية فبعضهم كافر أو يصل إلى درجة الكفر، وبعضهم مبتدع وبعضهم عاص أو مخالف، إلى غير ذلك من هذه الأنواع، فالمسلم يجب أن يكون موقفه منهم بحسب معصيتهم، وسوف نورد أقسام الناس من حيث المعصية على النحو التالي:

القسم الأول: الكافر: فهذا يقاطع بالكلية وقد تحدثنا عن ذلك وذكرنا الأدلة عليه.

القسم الثاني: مبتدع: والمبتدع ينقسم إلى قسمين:

أ- مبتدع يدعو إلى بدعته، فهذا يجب هجره ومقاطعته.

قال الإمام أحمد –رحمه الله-: ويجب هجر من كفر أو فسق ببدعة أو دعا إلى بدعة مضلة أو مفسقة على من عجز عن الرد عليه أو خاف الاغترار به دون غيره، وقيل: يجب هجره مطلقاً وهو ظاهر كلام الإمام أحمد -رضي الله عنه- السابق. وقطع ابن عقيل به في معتقده قال: ليكون ذلك كسراً له واستصلاحاً (١).

وقال الخلال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي النيسابوري أن أبا عبد الله سئل عن رجل له جار رافضي يسلم عليه؟ قال: لا وإن سلم لا يرد عليه (٢).

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار تفيد ذلك منهما:

ما رواه جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله. إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم، وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم)) (٣).

وروى الإمام أحمد بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم)) (٤).

وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية)) (٥).

وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم وهم شيعة الدجال .. )) (٦) الحديث.

وفي رواية لأبي داود أيضاً ((وإن ماتوا فلا تشهدوهم)) (٧).

فهذه الأحاديث تفيد مقاطعة أهل البدع والضلالات والأهواء الذين يدعون إليها ويصرون عليها.


(١) ((الآداب الشرعية)) ابن مفلح (١/ ٢٦٨).
(٢) ((الآداب الشرعية)) ابن مفلح (١/ ٢٦٨).
(٣) رواه ابن ماجه (٧٥)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (٣٢٨)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٤/ ٣٦٨) (٤٤٥٥). صححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) دون جملة التسليم.
(٤) رواه أحمد (١/ ٣٠) (٢٠٦)، والحديث رواه أبو داود (٤٧١٠)، وابن حبان (١/ ٢٨٠) (٧٩). والحديث سكت عنه أبي داود، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ١٠٤) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١/ ١١٢)، وصححه الحكمي في ((معارج القبول)) (٣/ ٩٥٧).
(٥) رواه الترمذي (٢١٤٩)، وابن ماجه (١٠). قال الترمذي: وهذا حديث غريب حسن صحيح، وقال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (١/ ١٣): إسناده ضعيف، وقال ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ١٠٠): غريب، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن ابن ماجه)).
(٦) رواه أبو داود (٤٦٩٢)، وأحمد (٥/ ٤٠٦) (٢٣٥٠٣)، والبيهقي (١٠/ ٢٠٣) (٢١٣٩٢). والحديث سكت عنه أبو داود، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع الصغير)) (٤٧١٢).
(٧) رواها أبو داود (٤٦٩١)، وأحمد (٢/ ٨٦) (٥٥٨٤)، والبيهقي (١٠/ ٢٠٣) (٢١٣٩١). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٨/ ٢٢٤): والراجح عندي أنه صحيح، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

<<  <  ج: ص:  >  >>