للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثاني عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي]

أولاً: أن الله تعالى هو الشافي، ولا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاؤه، ولا يرفع المرض إلا هو.

وفي الحديث: ((اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشفه وأنت الشافي؛ لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) (١).

وقوله: (لا شفاء إلا شفاؤك) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا شفاء إلا شفاء الله، فشفاء الله لا شفاء غيره، وشفاء المخلوقين ليس إلا سبباً، والشافي هو الله، فليس الطبيب وليس الدواء هما اللذان يشفيان، بل الطبيب سبب، والدواء سبب، وإنما الشافي هو الله.

ولهذا يمرض رجلان بمرض واحد، ويداويان بدواء واحد، وعلى صفة واحدة، فيموت هذا، ويشفى ذاك، لأن الأمر كله بيد الله فهو الشافي، وما يصنع من أدوية أو رقى فهو سبب, ونحن مأمورون بذلك السبب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فتداووا، ولا تتداووا بحرام)) (٢).

وقوله: (شفاء لا يغادر سقماً) يعني: شفاء كاملاً لا يبقي سقماً، أي: لا يبقي مرضاً (٣).

ففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته (٤).

ثانياً: أن الله تعالى لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء، وله أسباب.

عن جابر رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لكل داء دواء، فإن أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله تعالى)) (٥).

وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الأعراب من ههنا وههنا؛ فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: ((تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء، إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم)) (٦). الأسماء الحسنى والصفات العلى لعبد الهادي بن حسن وهبي – ص: ٣٤٠


(١) رواه أبو داود (٣٨٨٣) , وابن ماجه (٣٥٣٠) , وأحمد (١/ ٣٨١) (٣٦١٥) , والطبراني (١٠/ ٢١٣) , والحاكم (٤/ ٤٦٣). من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود, وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي, وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٥/ ٢١٩): إسناده حسن, وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٢٩٧٢): إسناده صحيح.
(٢) رواه الطبراني (٢٤/ ٢٥٤) (٦٤٩). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٥/ ٨٩): رجاله ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (١٧٦٢).
(٣) ((شرح رياض الصالحين)) (٣/ ٦٥ - ٦٦).
(٤) ((زاد المعاد)) (٤/ ١٨٨).
(٥) رواه مسلم (٢٢٠٤).
(٦) رواه أبو داود (٣٨٥٥) واللفظ له، والترمذي (٢٠٣٨)، وابن ماجه (٢٧٨٩)، وأحمد (٤/ ٢٧٨) (١٨٤٧٧)، وابن حبان (١٣/ ٤٢٦) (٦٠٦١)، والحاكم (١/ ٢٠٩). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٥/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>