للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: تعريف التقليد لغة واصطلاحا]

أ- أصل التقليد في اللغة: وضع الشيء في العنق محيطاً به، وذلك الشيء يسمى قلادة، والجمع قلائد، ومنه تقليد الهدي، فكأن المقلد جعل الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده، ويستعمل التقليد – أيضاً – في تفويض الأمر إلى الشخص كأن الأمر جعل في عنقه كالقلادة، قالت الخنساء:

يقلده القوم ما نابهم ... وإن كان أصغرهم مولداً (١)

ب- أما في الاصطلاح: فتكاد تنحصر تعريفات الأئمة في ثلاثة تعريفات متقاربة المعنى.

الأول: أن التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تعلم من أين قاله، (أي لا تعرف مأخذه) (٢).

الثاني: قبول قول الغير بلا حجة (٣).

الثالث: اتباع قول من ليس قوله حجة (٤)، وهو قريب من الثاني.

(فخرج بقولنا: (من ليس قوله حجة) اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع أهل الإجماع، واتباع الصحابي إذا قلنا حجة فلا يسمى اتباع شيء من ذلك تقليداً لأنه اتباع للحجة .. ) (٥).

وبذلك نلاحظ تقارب هذه التعريفات، وأن التعريف الثالث أدق، لأن من يتبع من قوله حجة لا يحتاج إلى معرفة مأخذه، أو حجته باعتباره حجة بنفسه. نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبدالله بن علي الوهيبي– ٢/ ٣٩


(١) انظر في التعريف اللغوي ((لسان العرب)) (٣/ ٣٦٧)، ((مختار الصحاح)) (ص: ٥٤٨)، ((البحر المحيط)) للزركشي (٦/ ٢٧٠)، ((الأحكام في أصول الأحكام)) للأمدي (٤/ ٢٢١)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (ص: ٢٦٥)، ((مختصر حصول المأمول من علم الأصول)) لصديق حسن خان، (ص: ١١٨)، ((شرح الورقات)) عبدالله بن صالح الفوزان (ص:١٧٠) وغيرها.
(٢) وهذا التعريف نسب إلى القفال، انظر ((البحر المحيط)) (٦/ ٢٧٠)، و ((إرشاد الفحول)) (ص: ٢٦٥).
(٣) ذكره ابن حزم في ((الأحكام)) (٢/ ٨٣٦)، وابن تيمية (٢/ ١٥، ١٦)، والجويني، والغزالي والآمدي وابن حزم في ((الأحكام)) (٢/ ٨٣٦)، وابن الحاجب وغيرهم انظر ((الأحكام)) للآمدي (٤/ ٢٢١)، ((البحر المحيط)) (٦/ ٢٧٠)، ((شرح الورقات)) للفوزان (ص: ١٧١).
(٤) وهو ترجيح أبي عبدالله بن خويز منداد البصري المالكي، وابن الهمام في التحرير، والشوكاني وغيرهم انظر ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٧)، ((إرشاد الفحول)) (٢٦٥).
(٥) ((الأصول من علم الأصول)) للشيخ محمد العثيمين (ص: ١٠٠)، وانظر ((شرح الورقات)) لعبد الله الفوزان (ص: ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>