للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: النار خالدة لا تبيد]

قال تعالى أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [النساء: ٢٥٧] وهذه الآية في مواضع من القرآن الكريم وقال تعالى يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا [النساء: ١٤] وقال تعالى فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء: ٩٣] وقال تعالى: أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة: ١٧] وقال تعالى: فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا [التوبة: ٦٣] وقال فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا [النحل: ٢٩] وهذه في غير موضع من القرآن، وقال لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ [الأنبياء: ٩٩] وقال فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ المؤمنون: ١٠٣ - ١٠٤ وقال إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [الزخرف: ٧٤] وقال: فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا [الحشر: ١٧] وقال: فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا [البينة: ٦] وقال: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: ١٦٧].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل الله أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار, ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول: يا أهل الجنة لا موت, ويا أهل النار لا موت, كل خالد فيما هو فيه)) (١) أخرجه الشيخان وفي رواية عنه عندهما ((فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم)) (٢).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((يجاء بالموت في صورة كبش أملح, فيوقف بين الجنة والنار, ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون مشفقين، ويقال: يا أهل النار فيطلعون فرحين، فقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، فيذبح بين الجنة والنار, ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت فيها، ويا أهل النار خلود ولا موت فيها)) (٣) أخرجه البخاري ومسلم.

وفي هذا عدة أحاديث عن أبي هريرة عن الترمذي وصححه, والحاكم, وابن ماجة، وعن أنس عن أبي يعلى, والبزار, والطبراني وفيه: ((فيذبح كما تذبح الشاة, فيأمن هؤلاء, وينقطع رجاء هؤلاء))، فثبت بما ذكر من الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة خلود أهل الدارين خلوداً مؤبداً كل بما هو فيه من نعيم وعذاب أليم.

وعلى هذا إجماع أهل السنة والجماعة, فأجمعوا على أن عذاب الكفار لا ينقطع, كما أن نعيم أهل الجنة لا ينقطع، ودليل ذلك الكتاب والسنة. يقظة أولى الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار لصديق حسن خان– ص: ١٧

ويعتقد أهل السنة والجماعة أن النار مخلوقة وأعدها الله عز وجل لمن يستحقها من عباده .. وأن الكفار والمشركين خالدون فيها أبداً، وأنها دار باقية لا تفنى ولا ينقطع عذابها.

-قال شيخ الإسلام رحمه الله -: (وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا ينفى بالكلية، كالجنة والنار والعرش) (٤).

....... نقل الإجماع على عدم فناء النار كثير من أهل العلم مؤكدين أن عدم فناء النار هو اعتقاد أهل السنة والجماعة.


(١) رواه البخاري (٦٥٤٤)، ومسلم (٢٨٥٠).
(٢) رواه البخاري (٦٥٤٨)، ومسلم (٢٨٥٠).
(٣) رواه البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (١٨/ ٣٠٧)؛ ((بيان تلبيس الجهمية)) (١/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>