للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الصورة]

صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالأحاديث الصحيحة.

الدليل:

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الطويل في رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وفيه: ((فيأتيهم الجبار في صورته التي رأوه فيها أوَّلَ مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا)) (١).

حديث: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) (٢).

قال أبو محمد ابن قتيبة في (تأويل مختلف الحديث/ ٢٦١): والذي عندي – والله تعالى أعلم – أن الصُّورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدٍّ (٣).

وقال أبو يعلى الفراء في (إبطال التأويلات) في التعليق على حديث: ((رأيت ربي في أحسن صورة) قال: اعلم أن الكلام في هذا الخبر يتعلق به فصول: أحدها جواز إطلاق الصُّورة عليه (٤).

وقال شيخ الإسلام في (نقض تأسيس الرازي): والوجه الخامس: أن الأحاديث مع آيات القرآن أخبرت بأنه يأتي عباده يوم القيامة على الوجه الذي وصف، وعند هؤلاء هو كل آتٍ، وما في الدنيا والآخرة، وأما أهل الإلحاد والحلول الخاص، كالذين يقولون بالاتحاد أو الحلول في المسيح أو علي أو بعض المشايخ أو بعض الملوك أو غير ذلك مما قد بسطنا القول عليهم في غير هذا الموضع؛ فقد يتأولون أيضاً هذا الحديث كما تأوله أهل الاتحاد والحلول المطلق؛ لكونه قال: فيأتيهم الله في صورة، لكن يقال لهم: لفظ (الصُّورة) في الحديث (يعني رحمه الله: حديث أبي سعيد) كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يسمى المخلوق بها على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله مختصة به؛ مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خلقه بيديه واستوائه على العرش ونحو ذلك اهـ (٥)

وبهذا يتضح أن الصُّورةَ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية كسائر الصفات الثابتة بالأحاديث الصحيحة.

أما حديث: ((خلق الله آدم على صورته))؛ فلم أورده في الأدلة؛ للاختلاف القائم بين أهل العلم: هل الضمير في (صورته) عائد على آدم أم على الله، وإن كان كثيرٌ من السلف ومن تبعهم من الخلف يجعلونه عائداً على الله عزَّ وجلَّ.

راجع لذلك: كتاب (نقض أساس التقديس) لابن تيمية، وكتاب الشيخ حمود التويجري رحمه الله (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن)، وكتاب (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري) للشيخ عبد الله الغنيمان (٦). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٩٨


(١) رواه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣).
(٢) رواه الترمذي (٣٢٣٥)، وأحمد (٥/ ٢٤٣) (٢٢١٦٢). من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح؛ سألت محمد بن إسماعيل - البخاري - عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال ابن العربي في ((أحكام القرآن)) (٤/ ٧٣)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح. والحديث روي عن ابن عباس وابن عمر وجابر بن سمرة وثوبان رضي الله عنهم جميعاً.
(٣) ((تأويل مختلف الحديث)) (٢٦١).
(٤) (١/ ١٢٦).
(٥) (ورقة ٤٥٥).
(٦) (٢/ ٣٢ - ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>