للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: أركان التفويض]

التفويض ينبني على ركنين:

الأول: اعتقاد أن ظواهر نصوص الصفات السمعية يقتضي التشبيه، حيث لا يعقل لها معنى معلوم إلا ما هو معهود في الأذهان من صفات المخلوقين. وبالتالي فإنه يتعين نفيه ومنعه. وهذه مقدمة مشتركة بين مذهب التفويض والتأويل.

الثاني: أن المعاني المرادة من هذه النصوص مجهولة للخلق، لا سبيل للعلم بها، بل هي مما استأثر الله بعلمه، ولا يمكن تعيين المراد بها لعدم ورود النص التوقيفي بذلك. وهنا يفترق مذهب التفويض مع مذهب التأويل الذي يجوز الاجتهاد في تعيين معان مجازية للصفات السمعية.

فصارت نتيجة مذهب التفويض هي الجهل المطبق بمعاني النصوص، ولذا سماهم أهل السنة (أهل التجهيل)، فقال ابن القيم في أقسام الناس في نصوص الوحي: (والصنف الثالث: أصحاب التجهيل: الذين قالوا: نصوص الصفات ألفاظ لا تعقل معانيها، ولا ندري ما أراد الله ورسوله منها. ولكن نقرأها ألفاظاً لا معاني لها، ونعلم أن لها تأويلاً لا يعلمه إلا الله. وهي عندنا بمنزلة كهيعص [مريم: ١] حم عسق [الشورى: ١ - ٢] المص [الأعراف: ١]. فلو ورد علينا منها ما ورد لم نعتقد فيه تمثيلاً ولا تشبيهاً، ولم نعرف معناه. وننكر على من تأوله، ونكل علمه إلى الله) (١)، وسماهم مرة: (اللاأدرية) (الذين يقولون: لا ندري معاني هذه الألفاظ، ولا ما أريد منها، ولا ما دلت عليه، وهؤلاء ينسبون طريقتهم إلى السلف) (٢). مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات لأحمد بن عبدالرحمن القاضي - ص ١٥٥


(١) ((الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة)) (٢/ ٤٢٢).
(٢) ((الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة)) (٣/ ٩٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>