للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الفتاح]

١ - إن الفتح والنصر لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى، فهو يفتح على من يشاء ويخذل من يشاء. وقد نسب الله الفتوح لنفسه لينبه عباده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره، وأن يعملوا بطاعته, وينالوا مرضاته ليفتح عليهم وينصرهم على أعدائهم. قال تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح: ١] وهو خطاب لرسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وقال جل ثناؤه: فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة: ٥٢]، وقال: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصَّف: ١٣]. ومن ذلك: ما هيأ الله تعالى للمسلمين من أسباب النصر، والعز والمنعة يوم خيبر.

عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية غداً رجلاً، يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) (١).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنكم منصورون، ومصيبون، ومفتوح لكم ... )) (٢).

٢ - وقد يفتح الله سبحانه أنواع النعم والخيرات على الناس استدراجاً لهم، إذا تركوا ما أمروا به، ووقعوا فيما نهوا عنه، كما قال سبحانه: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام: ٤٤].

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا، على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام: ٤٤] (٣).

٣ - ومما يفتحه الله على من يشاء من عباده من الحكمة والعلم والفقه في الدين، وذلك بحسب التقوى والإخلاص والصدق، ولذا نجد أن فهم السلف أعمق وعلمهم أوسع بمراحل ممن جاء بعدهم. قال تعالى: وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ [البقرة:٢٨٢]، وقال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ [الزُّمر: ٢٢].

فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضد ذلك، وذلك بفضله وعدله.

٤ - مفاتيح كل شيء بيد الفتاح جل وعلا، فعلى المؤمن أن يطلب من الله أن يفتح عليه أبواب رحمته.


(١) رواه البخاري (٢٩٤٣)، ومسلم (٢٤٠٦).
(٢) رواه الترمذي (٢٢٥٧)، وأحمد (١/ ٤٣٦) (٤١٥٦)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٥١١) (٩٨٢٨)، وابن حبان (١١/ ١٢٩) (٤٨٠٤)، والبيهقي (٣/ ١٨٠) (٥٨٢٧). قال الترمذي: حسن صحيح، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٦/ ٩٦)، وقال الألباني: صحيح.
(٣) رواه أحمد (٤/ ١٤٥) (١٧٣٤٩)، والطبري في تفسيره (١١/ ٣٦١). قال أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٧٧٣): في إسناد أحمد: رشدين بن سعد وهو ضعيف. وإسناد الطبري لا بأس بهما، فهما يشدان من رواية رشدين ويكونان شاهدين له، وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٤١٣): إسناده قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>