[المطلب الخامس: إجماع الكتب السماوية على استحقاق الله للعبادة وحده:]
فإن الرسل جميعهم قد جاءوا بإخلاص الدين كله لله واتفقوا على ذلك، وهذه حجة برهانية في أن الله هو المستحق لأن يعبد وحده لا شريك له وأنه لا منازع له في ذلك، ولذلك يطالب المشركين بأن يذكروا ما عندهم من براهين توجب العبادة لغير الله سواء كانت سمعية أو عقلية، فلم يستطيعوا إثبات ذلك ...
وهذا يوضح بطلان ما عليه المشركون من الشرك بالله تعالى، فإنه لا مستند لهم في إشراكهم بالله غيره من دليل سمعي ولا عقلي، بل الأدلة كلها السمعية والعقلية على خلاف افترائهم وزعمهم، فالذي خلق هو الذي يعبد وهو الذي يشكر على ما أنعم، وهو الآمر الناهي فيلتزم أمره ونهيه – وذلك الذي اتفقت عليه الرسل، فالرسل كلهم على تباعدهم في الأزمنة والأمكنة مع كمال صدقهم وظهور الآيات والبراهين الدالة على صدقهم، اتفقوا على وجوب عبادة الله وحده وتحريم الشرك به، فآيات الرسل دالة على صحة دعواهم النبوة والرسالة وعلى وحدانية الله، قال الله تعالى مبيناً معجزة القرآن ودلالتها: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [هود: ١٣ - ١٤] فبين الله أنه بالمعجزة تثبت الرسالة والوحدانية. واتفاق الرسل على هذا المبدأ دليل آخر على وجوب عبادة الله وحده وترك عبادة غيره. منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبد اللطيف– بتصرف - ١/ ١٣٤