للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- النزول والهبوط والتدلي (إلى السماء الدنيا)]

صفاتٌ فِعْلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة

الدليل:

حديث النُّزول المشهور: ((يَنْزِلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر)) (١)

حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهما مرفوعاً: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله تعالى إلى السماء الدنيا فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر)) (٢) وبنحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه (٣)

حديث: ((إنَّ الله تعالى ليُمْهِل في شهر رمضان كُلَّ ليلة حتى اذا ذهب الليل الأول هبط إلى السماء ثم قال: هل من سائلٍ يعطى، هل من مستغفر يغفر له، هل من تائبٍ يتاب عليه)) (٤)

حديث الإسراء عن أنس رضي الله عنه قال: ((حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجَبَّار ربُّ العِزَّةِ فَتَدَلَّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى)) (٥)

قال أبو سعيد الدارمي في (الرد على الجهمية) بعد أن ذكر ما يثبت النُّزول من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد، ولا يمتنع من روايتها اهـ (٦)

وقال إمام الأئمة محمد بن خزيمة في (كتاب التوحيد): باب: ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام، رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة: نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نُزول الرب، من غير أن نصف الكيفية؛ لأنَّ نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه يَنْزل، والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم؛ فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النُّزول، غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النُّزول

وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أنَّ الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يَنْزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أنَّ النُّزول من أعلى إلى أسفل اهـ (٧)

وقال أبو القاسم اللالكائي: سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً اهـ (٨)


(١) رواه البخاري (١١٤٥) ومسلم (٧٥٨). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (١/ ١٢٠) (٩٦٧) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ورواه (٢/ ٥٠٩) (١٠٦٢٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه (٢/ ٤٣٣) (٩٥٨٩) بلفظ: ((نزل)) بدلاً من ((هبط)). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ١٥٤): رواه أحمد وأبو يعلى ... ورجالهما ثقات. قال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٢/ ٢٠٣): إسناده صحيح. والحديث أصله في الصحيحين مختصراً.
(٣) رواه أحمد (١/ ٣٨٨) (٣٦٧٣). قال الألباني في ((إرواء الغليل)) (٢/ ١٩٩): إسناده صحيح.
(٤) رواه ابن أبي عاصم (٥١٣). وقال الألباني في ((ظلال الجنة)): صحيح.
(٥) رواه البخاري (٧٥١٧).
(٦) ((الرد على الجهمية)) (ص٧٩).
(٧) كتاب ((التوحيد)) (١/ ٢٨٩).
(٨) ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (٣/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>