للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول: المسح على الخفين]

من أقدم الأئمة الذين قرروا تلك المسألة: الإمام سفيان الثوري في عقيدته حيث قال مخاطباً من سأله عن معتقده:

(يا شعيب بن حرب، لا ينفعك ما كتبت لك حتى ترى المسح على الخفين دون خلعهما أعدل عندك من غسل قدميك) (١).

بل قال سفيان الثوري: (من لم يمسح على الخفين فاتهموه على دينكم) (٢).

وعد سهل بن عبد الله التستري المسح على الخفين من خصال أهل السنة (٣).

كما قرر ذلك أبو حنيفة (٤) وأبو الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة) (٥)، والطحاوي في (عقيدته) (٦)، وابن بطة في (الإبانة الصغرى) (٧)، والبربهاري في (شرح السنة) (٨)، وابن خفيف في (عقيدته) (٩)، وأبو عمرو الداني في (الرسالة الوافية) (١٠).

ووجه إيراد مسألة المسح على الخفين ضمن كتب الاعتقاد: مخالفة الروافض والخوارج الذين لا يجيزون المسح على الخفين، وكما قال الإمام محمد بن نصر المروزي: (وقد أنكر طوائف من أهل الأهواء والبدع من الخوارج والروافض المسح على الخفين) (١١).

وقال الإمام النووي: (أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر سواء كان لحاجة أو لغيرها ... وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم) (١٢).

وجاء عن الإمام الشعبي أنه قال: (واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة) (١٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: (وقد تواترت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين، وبغسل الرجلين، والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة، كما تخالف الخوارج نحو ذلك) (١٤).

وقال في موضع آخر: (وكان سفيان الثوري يذكر من السنة المسح على الخفين؛ لأن هذا كان شعاراً للرافضة) (١٥). مسائل الفروع الواردة في مصنفات العقيدة جمعاً ودراسة لعبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف– ص: ٤

يقول العلامة الطحاوي: (وَنَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ).

يريد بذلك أَنَّ أهل السنة والجماعة المتبعين للآثار لا يُعَارِضُون الآثار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام بالأقْيِسَةْ أو بالدِّلالات العقلية، وإنما يجعلونها مُقَدَّمَةً على ما هو دونها من القياس والدلالة العقلية ونحو ذلك؛ لأنَّ منهج الاستدلال عندهم أنْ يُؤْخَذَ بما جاء في الكتاب والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء في القرآن حق وما جاءت به السنة حق، والحق يعضد الحق ولا يعارضه أو يناقضه؛ بل هذا يدل على هذا كما السنة تدل على القرآن وتُبَيِّنُهْ.


(١) أخرجه اللالكائي في ((أصول السنة)) (١/ ١٥٤)، وأنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (٤/ ١٥١).
(٢) أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (٧/ ٣٢).
(٣) انظر: ((السنة للالكائي)) (١/ ٣٣).
(٤) انظر: ((الفقه الأكبر)) (ص: ٤).
(٥) انظر: ((الإبانة)) (ص: ٦١).
(٦) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (٢/ ٥٥٢).
(٧) انظر: ((الإبانة الصغرى)) (ص: ٢٨٧).
(٨) ((شرح السنة)) (ص: ٣٠).
(٩) انظر: ((الفتوى الحموية)) لابن تيمية (ص: ٤٤٣).
(١٠) انظر: ((الرسالة الوافية)) (ص: ١٤٥).
(١١) ((السنة)) (ص: ١٠٤)، وانظر ((المجموع)) للنووي (١/ ٥٠٠)، و ((المغني)) لابن قدامة (١/ ٣٦٠)، و ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (٢/ ١٦١)، و ((فقه الإمامية)) للسالوس (ص: ١١٢).
(١٢) ((صحيح مسلم بالنووي)) (٣/ ١٦٠).
(١٣) ((منهاج السنة النبوية)) (١/ ٣٣).
(١٤) ((منهاج السنة النبوية)) (٤/ ١٧٤).
(١٥) ((مجموع الفتاوى)) (٢٢/ ٤٢٣) = باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>