١ - إن الله سبحانه هو الشاهد على خلقه بما يصدر منهم من قول أو فعل، لا يغيب عنه من أفعالهم شيء، وله الكمال في هذا فلا يضل ولا ينسى ولا يغفل وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: ٧٤].
٢ - جعل الله تعالى كلامه المنزل على خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم مهيمناً على ما قبله من الكتب، فقال سبحانه: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ [المائدة: ٤٨].
قال ابن الحصار: ومعنى قوله تعالى: وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ أي: عال، وعلوه على سائر كتب الله، وإن كان الكل كلام الله تعالى بأمور:
أحدها: بما زاد عليها من السور، فقد جاء في حديث الصحيح أن نبينا صلى الله عليه وسلم خص بسورة الحمد وخواتيم سورة البقرة (١).
والأمر الثاني: أن جعله الله قرآن عربياً مبيناً، وكل نبي قد بين لقومه بلسانهم – كما أخبر الله تعالى – ولكن للسان العرب مزية في البيان.
والثالث: أن جعل نظمه وأسلوبه معجزاً، وإن كان الإعجاز في سائر الكتب المنزلة من عند الله سبحانه، من حيث الإخبار عن المغيبات، والإعلام بالأحكام المحكمات، وسنن الله المشروعات، وغير ذلك، وليس فيها نظم وأسلوب خارج عن المعهود.
فكان أعلى منها بهذه المعاني، ولهذا المعنى الإشارة بقوله الحق: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزخرف: ٤]. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ١٢٠
(١) الحديث رواه مسلم (٨٠٦) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. بلفظ: (( .. أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)).