للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الأدلة من السنة]

أ- الأدلة من السنة القولية:

روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة فيها دلالة على وجوب نصب الإمام، ومن هذه الأدلة ما يلي:

١ - ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)) (١) أي: بيعة الإمام، وهذا واضح الدلالة على وجوب نصب الإمام لأنه إذا كانت البيعة واجبة في عنق المسلم، والبيعة لا تكون إلا لإمام، فنصب الإمام واجب.

٢ - ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)) (٢). ومثله عن أبي هريرة، وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمّروا أحدهم)) (٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإذا كان قد أوجب في أقلِّ الجماعات وأقصر الاجتماعات، أن يولى أحدهم، كان هذا تشبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك) اهـ (٤).

٣ - ومنها الحديث الذي رواه أبو أمامة الباهلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لينقضن عرى الإسلام عروة، عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة)) (٥). قال الأستاذ عبد الكريم زيدان (والمقصود بالحكم: الحكم على النهج الإسلامي، ويدخل فيه بالضرورة وجود الخليفة الذي يقوم بهذا الحكم، ونقضه يعني التخلي عنه وعدم الالتزام به، وقد قرن بنقض الصلاة وهي واجبة، فدلّ على وجوبه) (٦).

٤ - ومنها أيضًا الحديث المشهور في السنن عن العرباض بن سارية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال - من حديث طويل – ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)) (٧).


(١) [١٢٩١١])) رواه مسلم (١٨٥١).
(٢) [١٢٩١٢])) رواه أبو داود (٢٦٠٨)، وأبو يعلى (٢/ ٣١٩) (١٠٥٤)، والبيهقي (٥/ ٢٥٧) (١٠٦٥١). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسن إسناده النووي في ((رياض الصالحين)) (٣٥١)، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (١/ ٤٥٢): إسناده جيد.
(٣) [١٢٩١٣])) رواه أحمد (٢/ ١٧٦) (٦٦٤٧)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (٤/ ٨٤). من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، وقال ابن حجر في ((فتح الباري) (١١/ ٨٧): في سنده ابن لهيعة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١٠/ ١٣٤).
(٤) [١٢٩١٤])) ((الحسبة)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: ١١).
(٥) [١٢٩١٥])) رواه الطبراني (٨/ ٩٨) (٧٥٠٢)، وابن حبان (١٥/ ١١١) (٦٧١٥)، والحاكم (٤/ ١٠٤)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٤/ ٣٢٦): وقال: إسناده صحيح ولم يخرجاه، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٧/ ٢٨٤): رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٥٠٧٥).
(٦) [١٢٩١٦])) ((أصول الدعوة)) لعبد الكريم زيدان (ص: ١٩٥).
(٧) رواه أبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢) وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٤)، والحاكم (١/ ١٧٦). من حديث العرباض بن سارية. والحديث سكت عنه أبو داود, وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة ووافقه الذهبي. وقال ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٦٤): ثابت صحيح, وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (١/ ١٨١)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

<<  <  ج: ص:  >  >>