للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغة واصطلاحاً

أولا: تعريف إبليس والشيطان لغة:

ذكر بعض العلماء أن إبليس اسم عربي، على وزن إفعيل، مشتق من الإبلاس، وهو الإبعاد من الخير، أو اليأس من رحمة الله (١).

وقال الأكثرون: إن إبليس اسم أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعجمية، وقد ذكر ابن الأنباري أن إبليس لو كان اسماً عربياًلم يصرف كإكليل وإحليل (٢)، قال أبو إسحاق: أن إبليس أعجمي معرفة، وذكر الزبيدي أن إبليس لا يصح أن يشتق وإن وافق معنى إبليس لفظاً ومعنى، وقد غلط العلماء الذين قالوا باشتقاقه.

وذكر الطبري بأنه: (لم يصرف استثقالاً، إذ كان اسماً لا نظير له من أسماء العرب، فشبهته العرب إذ كان كذلك بأسماء العجم التي لا تجري كما في إسحاق حيث لم يجروه، وهو مشتق من أسحقه الله إسحاقاً، إذ وقع ابتداء اسماً لغير العرب التي تسمت به العرب، فجري مجراه، وهو من أسماء العجم في الإعراب فلم يصرف، وكذلك أيوب إنما هو من آب يئوب) (٣).

قال ابن حجر: (وقد تعقب بأنه لو كان اسماً عربياً مشتقاً من الإبلاس لكان قد سمي به بعد يأسه من رحمة الله بطرده ولعنه) (٤)، وظاهر القرآن أنه كان يسمى بذلك قبل ذلك، وكذا قيل، ولا دلالة فيه، لجواز أن يسمى بذلك باعتبار ما سيقع له، نعم روى الطبري عن ابن عباس قال: (كان اسم إبليس حيث كان مع الملائكة عزازيل ثم إبليس بعد (٥)، وهذا يؤيد القول. والله أعلم) (٦). عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبيدات - ص٤٥٩

تعريف الشيطان لغة:

ذكر جماعة من أهل اللغة أن الشيطان نونه أصلية على وزن فيعال مشتق من شطن: أي بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، وشيطن وتشيطن، صار كالشيطان وفعل فعله، قال أمية بن أبي الصلت يصف سليمان بن داود عليهما السلام:

أيما شاطن عصاه عكاه ... ثم يلقى في السجن والأغلال

فقال: أيما شاطن، ولم يقل: أيما شائط.

وذكر جماعة أن الشيطان نونه زائدة على وزن فعلان فهو من شاط يشيط: إذا احترق غضباً، وعلى هذا الأساس يكون ممنوعاً من الصرف (٧).

وذكر ابن الأثير أن نون الشيطان إذا جعلت أصلية كان من الشطن وهو: البعد عن الخير, أو الحبل الطويل، كأنه طال في الشر، وإن جعلت زائدة كان من شاط يشيط: إذا هلك، أو من استشاط غضباً، إذا احتد في غضبه والتهب، قال: والأول أصح (٨)، وذكر ابن كثير أن من العلماء من صحح المعنيين مع قولهم بأن الأول أصح (٩).

والشطن: البعد، ومنه شطنت داره، أي بعدت، ويقال: نوى شطون أي بعيدة، وبئر شطون: أي بعيدة القعر، ويقال للحبل شطن سمي بذلك لطوله، وجمعه أشطان، وفي الحديث: كل هوى شاطن في النار (١٠) قال ابن قتيبة: (الشاطن البعيد عن الحق) (١١).

قال محمد بن إسحاق: (إنما سمي شيطاناً لأنه شطن عن أمر ربه، والشطون البعيد النازح) (١٢).

وقال أبو عبيد: (الشيطان كل عات متمرد من إنس, أو جن) (١٣)، أو دابة قال جرير:

أيام يدعونني الشيطان من غزلي ... وهن يهوينني إذ كنت شيطانا


(١) انظر: ((لسان العرب)) (٦/ ٢٩)، ((تفسير الطبري)) (١/ ٥٠٩)، و ((تفسير روح المعاني)) (١/ ٢٢٩).
(٢) انظر: ((تفسير روح المعاني)) (١/ ٢٢٩)، ((فتح الباري)) (٦/ ٣٣٩).
(٣) ((تفسير الطبري)) (١/ ٢٢٧).
(٤) ((فتح الباري)) (١/ ٣٣٩).
(٥) ((تفسير الطبري)) (١/ ٢٢٤).
(٦) ((فتح الباري)) (٦/ ٣٣٩).
(٧) ((لسان العرب)) (١٣/ ٢٣٧)، و ((القاموس المحيط)) (ص: ٨٧١).
(٨) ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (٢/ ١١٦٠).
(٩) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ١٥).
(١٠) ((لسان العرب)) (١٣/ ٢٣٧).
(١١) ((غريب الحديث)) (٣/ ٧٥٩).
(١٢) ((الزينة في الكلمات الإسلامية العربية)) (٢/ ١٧٩).
(١٣) انظر: ((بحر العلوم)) للسمرقندي (١/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>