[المطلب الثاني: معنى الأعراف شرعا]
اختلف العلماء في معنى الأعراف إلى أقوال كثيرة، وحاصلها ما يأتي:
١ - الأعراف: هو مكان مرتفع يشرف على أهل الجنة والنار.
٢ - الأعراف: هو السور الذي ذكره الله تعالى فاصلا بين الجنة والنار. (٤)
٣ - هو جبل بين الجنة والنار، أو تل مرتفع، ويروى عن ابن عباس أنه تل بين الجنة والنار حبس عليه ناس من أهل الذنوب، وقال سعيد بن جبير: الأعراف جبال بين الجنة والنار، فهم على أعرافها، يقول على ذراها. (٥)
٤ - الأعراف: هو الصراط، قال ابن جريج: زعموا أنه الصراط.
٥ - هو حجاب بين فريقي أهل الجنة وأهل النار، وهو قول مجاهد.
٦ - وقال القرطبي: وقيل إنه سور بين الجنة والنار، قيل: هو جبل أحد يوضع هناك. (٦)
ومن الذين ذهبوا إلى أن الأعراف هو السور المذكور في سورة الحديد في قوله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد: ١٣].
ومن الذين ذهبوا إلى ذلك: السدي حيث قال: هو السور، وهو الأعراف، قال: وإنما سمي الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس.
وقال حذيفة: الأعراف سور بين الجنة والنار، وعن ابن عباس - في رواية عنه - قال: الأعراف هو السور الذي ذكره الله في القرآن، بين أهل الجنة وأهل النار. (١)
وقد روى البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل في قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ [الحديد: ١٣] قال: يعنى بالسور حائطا بين أهل الجنة وأهل النار، له باب، باطنه - يعني باطن السور- فيه الرحمة مما يلي الجنة، وظاهره من قبله العذاب - يعنى جهنم، وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار. (٢)
وهناك أقوال أخرى ذكرها بعض العلماء، غير إنها لا تخرج في مفهومها عما سبق.
وعلى أي احتمال كان؛ فإن جميع الأقوال في الأعراف – وهو: إما حجاب أو سور أو تل مشرف، أو جبال بين الجنة والنار أو أي حاجز آخر – كلها تهدف إلى إثبات أن حاجزا مرتفعا يجعله الله في يوم القيامة بين الجنة والنار، يشرف منه أصحاب الأعراف على فريقي الجنة والنار، يعرفون كلا بسيماهم، وأن أصحابه لم يتقرر مصيرهم بعد، ولكن مآلهم إلى الجنة. (٣) الحياة الآخرة لغالب عواجي- ٢/ ١٣٧٢