للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء, وشؤم الحط من أقدارهم]

الجناية على العلماء خرق في الدين، فمن ثم قال الطحاوي في (عقيدته): (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين – أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء، فهو على غير السبيل) (١).

قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته) (٢).

وقال أبو سنان الأسدي: (إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟!) (٣).

وقال الإمام أحمد بن الأذرعي: (الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب) (٤).

وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

(كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين) (٥).

والطاعنون في العلماء لا يضرون إلا أنفسهم، وهم يستجلبون لها بفعلتهم الشنيعة أخبث الأوصاف: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: ١١]. وهم من شرار عباد الله؛ بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت)) (٦).

وهم مفسدون في الأرض، وقد قال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس: ٨١].

وهم عرضة لحرب الله تعالى، القائل في الحديث القدسي: ((من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب)) (٧).

وهم متعرضون لاستجابة دعوة العالم المظلوم عليهم، فدعوة المظلوم – ولو كان فاسقاً – ليس بينها وبين الله حجاب، فكيف بدعوة ولي الله الذي قال فيه: ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) (٨).

قال الإمام الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: (ما هذا؟! قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة) (٩).

ولما أنكر السلطان على الوزير نظام الملك صرف الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، أجابه:

(أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار)، فاستصوب فعله، وساعده عليه (١٠).

وقيل: إن أولاد يحيى – أي ابن خالد البرمكي – قالوا له وهم في القيود مسجونين: (يا أبة صرنا بعد العز إلى هذا؟!) قال: (يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها) (١١).


(١) ((شرح العقيدة الطحاوية)) تحقيق الأرناؤوط (٢/ ٧٤٠).
(٢) ((سير أعلام النبلاء)) (٨/ ٤٠٨).
(٣) ((ترتيب المدارك)) (٢/ ١٤).
(٤) ((الرد الوافر)) (ص: ١٩٧).
(٥) ((شعب الإيمان للبيهقي)) (٥/ ٣١٦).
(٦) رواه أحمد (٤/ ٢٢٧) (١٨٠٢٧)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٣٢٥). وقال: رواه أحمد عن شهر عنه وبقية إسناده محتج بهم في الصحيح، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٩٦): رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وبقية رجاله رجال الصحيح، وحسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)).
(٧) [١٢٨٤٦])) رواه البخاري (٦٥٠٢). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) رواه البخاري (٦٥٠٢). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٩) ((سير أعلام النبلاء)) (١٤/ ١٥٩).
(١٠) ((تحفة الطالبين)) (١١٥/) و ((المنهاج السوي)) (٧٤).
(١١) ((سير أعلام النبلاء)) (٩/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>