للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الأدلة من الكتاب والسنة على سكرات الموت]

أولاً: الأدلة من كتاب الله تعالى:

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، القرآن العظيم، سكرات الموت وشدائده في أكثر من آية، منها:

١ - قوله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ [الأنعام: ٩٣].

قال الطبري في تفسير هذه الآية: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولو ترى يا محمد حين يغمر الموت بسكراته هؤلاء الظالمين ... ، فتعاينهم وقد غشيتهم سكرات الموت، ونزل بهم أمر الله، وحان فناء آجالهم ... ، والغمرات جمع غمرة، وغمرة كل شيء كثرته ومعظمه) (١)، ثم روى عن ابن عباس في قوله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ. أنه قال: سكرات الموت (٢).

يقول السعدي ت ١٣٧٦هـ: (ولما ذم الظالمين ذكر ما أعد لهم من العقوبة حال الاحتضار، ويوم القيامة فقال: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت أي: شدائده وأهواله الفظيعة، وكربه الشنيعة، لرأيت أمراً هائلاً، وحالة لا يقدر الواصف أن يصفها، وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ إلى أولئك الظالمين المحتضرين بالضرب والعذاب ... ) (٣).

٢ - قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب: ١٨، ١٩].

٣ - وقوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةُ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونُ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فِإِذَا عَزَمَ الأمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد: ٢٠، ٢١]

فقوله تعالى في الآية الأولى رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ يعني ينظرون إليك يا محمد صلى الله عليه وسلم تدور أعينهم خوفاً من القتل وفراراً منه كالذي يغشى عليه من الموت، أي كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت النازل به وما يعانيه من سكرات وكرب (٤).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ت٧٢٨هـ: (من شدة الرعب الذي في قلوبهم يشبهون المغمى عليه وقت النزع؛ فإنه يخاف ويذهل عقله، ويشخص بصره، ولا يطرف، فكذلك هؤلاء؛ لأنهم يخافون القتل) (٥).

٤ - قوله تعالى وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: ١٩].


(١) ((تفسير الطبري)) (٧/ ١٨٢).
(٢) ((تفسير الطبري)) (٧/ ١٨٣).
(٣) ((تفسير السعدي)) (ص: ٢٢٧).
(٤) انظر: ((تفسير الطبري)) (٢١/ ٨٩).
(٥) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (٢٨/ ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>