للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: صفته في السنة النبوية]

وأما في السنة النبوية فقد جاء أن العرق يبلغ من الإنسان على مقدار عمله، فمن الناس من يبلغ العرق إلى أنصاف أذنيه، ومنهم من يلجمهم إلجاماً، ومنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، فهم على حالات شتى، ومصداق هذا:

١ - ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ قال: ((يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه)) (١).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم)) (٢).

وفي رواية مسلم: ((سبعين عاماً، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس)) (٣).

ولهذا فإن الإنسان ليتمنى من شدة الهول والعرق أن يذهب به ولو إلى النار ويستريح منه، كما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة, فيقول: يا رب أرحني ولو إلى النار)) (٤).

وفي الصحيح من حديث عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله، ليس بينه وبينه حجاب، ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً؟ فليقولن: بلى. ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولاً؟ فليقولن: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة)) (٥).

وفي هذا الموقف الرهيب يكون للشمس وقع شديد على الناس، فهي تدنو من رؤوس البشر – رغم حرارتها الهائلة – حتى تكون كمقدار ميل، وللإنسان أن يتصور مدى ما يلحق أهل الموقف من ألم حرارتها.

وهذا ما رواه المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل. قال سليم بن عامر – أحد رواة الحديث: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؛ أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين؟ قال: فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق. فمنهم من يكون إلى كعبيه. ومنهم من يكون إلى ركبتيه. ومنهم من يكون إلى حقويه. ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً. قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه)) (٦). الحياة الآخرة لغالب عواجي- ١/ ٢٤٧


(١) رواه البخاري (٤٩٣٨)، ومسلم (٢٨٦٢).
(٢) رواه البخاري (٦٥٣٢).
(٣) رواه مسلم (٢٨٦٣).
(٤) رواه الطبراني (١٠/ ١٠٧) (١٠١٣٢)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٢٩٥). وقال: إسناده جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٣٩): رجاله رجال الصحيح.
(٥) رواه البخاري (١٤١٣).
(٦) رواه مسلم (٢٨٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>