للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: تعريف الشرك في الألوهية

وهو شرك في عبادة الله، وإن كان صاحبه يعتقد أنه – سبحانه – لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته, ولا في أفعاله، وهو الذي يسمى بالشرك في العبادة، وهو أكثر وأوسع انتشاراً ووقوعاً من الذي قبله، فإنه يصدر ممن يعتقد أنه لا إله إلا الله، وأنه لا يضر ولا ينفع, ولا يعطي ولا يمنع إلا الله، وأنه لا إله غيره, ولا رب سواه، ولكن لا يخلص لله في معاملته وعبوديته، بل يعمل لحظ نفسه تارة، ولطلب الدنيا تارة، ولطلب الرفعة والمنزلة والجاه عند الخلق تارة أخرى، فلله من عمله وسعيه نصيب، ولنفسه وحظه وهواه نصيب، وللشيطان نصيب، وللخلق نصيب.

وهذا حال أكثر الناس، ومعلوم أن من لم يخلص لله في عبادته لم يفعل ما أمر به، بل الذي أتى به شيء غير الذي أمر به، فلا يصح، ولا يقبل منه، قال الله عز وجل- كما في الحديث القدسي: - ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك به، وأنا منه بريء)) (١).

، ويقول أصحاب هذا الشرك مخاطبين لآلهتهم وقد جمعهم الجحيم: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]، ومعلوم أنهم ما سووهم به في الخلق والرزق والإماتة والإحياء، والملك والقدرة، وإنما سووهم في الحب والتأله والخضوع لهم, والتذلل, والتعظيم (٢). الشرك في القديم والحديث لأبي بكر محمد زكريا– ١/ ١٤٧


(١) رواه مسلم (٢٩٨٥). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) انظره مع بعض ما تقدم في ((الجواب الكافي)) (ص: ٣١٨)، و ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>