لقد كانت الشياطين تنزل على الكهنة فتخبرهم بالكلمة من الحق فيكذبون معها مائة كذبة، وكانوا يتراءون لهم في صور مختلفة كما تقدم معنا، ومن صفات الجن التشكل في الصور المختلفة، وبإمكانهم أن يظهروا للإنسان في صورة أشخاص يكون للشخص معرفة مسبقة بهم قبل موتهم، ولقد تمثل الشيطان للمشركين يوم وقعة بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، وحرضهم على قتال الرسول عليه السلام ثم تولى عنهم بعد ذلك عندما عاين الملائكة، وتمثل الشيطان كذلك لأبي هريرة في صورة شيخ يريد السرقة، ولقد شاهدهم ابن مسعود في صور مختلفة، وفي إحدى الليالي التي كلم فيها عليه الصلاة والسلام الجن، رأى ابن مسعود الجن يتقطعون مثل قطع السحاب، ومرة رآهم يتحدرون على الرسول كأمثال النسور والحجل، وغير ذلك مما هو من صفات الجن، ولقد ثبت وجودهم واتصالهم ببني آدم اتصالاً وثيقاً وأنهم يعيشون معهم على الأرض، وأحياناً يدخلون في أجسامهم ويتسلطون عليهم بكيفية لا يعلمها إلا الله.
وبناء على ذلك فإن الجن يمكن أن يتشبهوا بالرياح, والأنوار مختلفة الألوان, وبالسحاب, والدخان, والشخصيات العظيمة، كما يمكن للجن تقليد أي شخصية حية أو ميتة بعد موتها، فأعمارها تزيد على أعمار بني آدم كما في بعض الآثار، كما أن تكليم الجني للإنسان على لسان إنسان أخر أمر ثابت كما تقدم معنا، وتحريك الجني لقلم ليكتب, أوسلسلة ترسم بواسطة قلم أو أثاث حجرة أو غير ذلك مما نسمع عنه أمر ممكن وواقع (١).
فلم لا يكون ما يزعمه دعاة استحضار الأرواح من عبث مردة الجن الذين همهم السخرية ببعض البشر الذين يوافقونهم في أعمالهم؟!. عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات - ص٤٤٧