للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الدخان]

قال الله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ.

قال ابن كثير في (النهاية): (وقد نقل البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه فسر ذلك بما كان يحصل لقريش من شدة الجوع بسبب القحط الذي دعا عليهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهم يرى فيما بينه وبين السماء دخاناً من شدة الجوع، وهذا تفسير غريب جداً، لم ينقل مثله عن أحد من الصحابة غيره، وقد حاول بعض العلماء المتأخرين رد ذلك ومعارضته؛ لما ثبت في حديث أبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: ((لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات -فذكر فيهن الدجال والدخان والدابة)) (١)، والحديثان في (صحيح مسلم) مرفوعان، والمرفوع مقدم على كل موقوف.

وفي ظاهر القرآن ما يدل على وجود دخان من السماء يغشى الناس، وهذا أمر محقق عام، وليس كما روي عن ابن مسعود: أنه خيال عن أعين قريش من شدة الجوع.

وقال الله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ؛ أي: ظاهر واضح جلي، ليس خيالاً من شدة الجوع، رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ؛ أي: ينادي أهل ذلك الزمان ربهم بهذا الدعاء، يسألون كشف هذه الشدة عنهم؛ فإنهم قد آمنوا وأيقنوا بما وعدوا به من الأمور الغيبية الكائنة بعد ذلك يوم القيامة، وهذا دليل على أنه يكون قبل يوم القيامة، حيث يمكن رفعه، ويمكن استدراك التوبة والإنابة، والله أعلم). انتهى.

وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: ((اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة. قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ... -فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها-)) (٢) الحديث.

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم، وأهل السنن. وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح) ...

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات –وذكر منها الدخان-)) (٣).

رواه: الطبراني، وابن مردويه، والحاكم وصححه هو والذهبي، ...

وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ربكم أنذركم ثلاثاً: الدخان؛ يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة، والثالثة الدجال)) (٤).

رواه: ابن جرير، والطبراني. قال ابن كثير في (تفسيره): (وإسناده جيد).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يهيج الدخان بالناس، فأما المؤمن؛ فيأخذه كالزكمة، وأما الكافر؛ فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه)) (٥) رواه ابن أبي حاتم.


(١) رواه مسلم (٢٩٠١).
(٢) رواه مسلم (٢٩٠١).
(٣) رواه الطبراني (٢٢/ ٧٩) (١٩٥)، والحاكم (٤/ ٤٧٤). وقال: صحيح الإسناد.
(٤) رواه الطبراني (٣/ ٢٩٢) (٣٤٤٠).
(٥) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ١٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (ص: ٣٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>