للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة]

إن أهل السنة لهم قولان في إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه من حيث الإشارة بالنص الخفي أو الجلي.

القول الأول:

منهم من قال: إن إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثابتة بالنص الخفي والإشارة وهذا القول ينسب إلى الحسن البصري رحمه الله تعالى وجماعة من أهل الحديث (١) وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل (٢) رحمة الله عليه واستدل أصحاب هذا القول بتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة وبأمره صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب إلا باب أبي بكر وقد تقدمت هذه الأحاديث قريباً.

القول الثاني:

ومنهم من قال: إن خلافة أبي بكر رضي الله عنه ثابتة بالنص الجلي وهذا قول طائفة من أهل الحديث (٣) وبه قال أبو محمد بن حزم الظاهري (٤) واستدل هذا الفريق بحديث المرأة التي قال لها: ((إن لم تجديني فأتي أبا بكر)) (٥) وبقوله لعائشة رضي الله عنها: ((ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) (٦) وحديث رؤياه صلى الله عليه وسلم أنه على حوض يسقي الناس فجاء أبو بكر فنزع الدلو من يده ليروحه (٧) ...

والقول الذي يطمئن إليه القلب وترتاح له النفس في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أن يقال: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسلمين بأن يكون الخليفة عليهم من بعده أبا بكر رضي الله عنه وإنما دلهم عليها لإعلام الله – سبحانه – له بأن المسلمين سيختارونه لما له من الفضائل العالية التي ورد بها القرآن والسنة وفاق بها غيره من جميع الأمة المحمدية رضي الله عنه وأرضاه.


(١) انظر: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (٤/ ١٠٧)، ((منهاج السنة)) لابن تيمية (١/ ١٣٤ - ١٣٥)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (١/ ١٢٥)، ((شرح العقيدة الطحاوية)) لابن أبي العز الحنفي (ص: ٥٣٣).
(٢) انظر: ((المعتمد في أصول الدين)) لأبي يعلى الفراء (ص: ٢٢٦)، ((منهاج السنة)) (١/ ١٣٤).
(٣) انظر: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ١٠٧)، ((منهاج السنة)) (١/ ١٣٤ - ١٣٥)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (١/ ١٢٥)، ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ٥٣٣).
(٤) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ١٠٧).
(٥) رواه البخاري (٣٦٥٩)، ومسلم (٢٣٨٦).
(٦) رواه البخاري (٥٦٦٦)، ومسلم (٢٣٨٧).
(٧) حديث الرؤيا رواه البخاري (٧٠٢٢)، ومسلم (٢٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>