للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الربوبية]

صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرب) الثابت بالكتاب والسنة في مواضع عديدة؛ تارة وحده (الرب)، وتارة مضافاً؛ مثل: (رب العالمين)، و (رب المشرقين).

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: ٢].

وقوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن: ١٧].

الدليل من السنة:

حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً، فأما الركوع؛ فعظموا فيه الرب عَزَّ وجَلَّ)) (١).

حديث عمرو بن عبسة مرفوعاً: ((أقرب ما يكون الرَّبُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)) (٢).

ومعنى الرَّب: المالك والمتصرف والمدبر والسيد والمربي

قال ابن قتيبة: ومن صفاته (الرب)، والرب المالك، يُقال: هذا رب الدار ورب الضيعة ورب الغلام؛ أي: مالكه، قال الله سبحانه: ارْجعْ إلى رَبِّك؛ أي: إلى سيدك ولا يُقال لمخلوق: هذا الرَّبُّ؛ معرفاً بالألف واللام؛ كما يُقال لله، إنما يُقال: هذا رب كذا، فيُعرَّف بالإضافة؛ لأن الله مالك كل شيء فإذا قيل: الرَّبُّ؛ دلَّت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل لمخلوق: ربُّ كذا وربُّ كذا؛ نُسب إلى شيء خاص؛ لأنه لا يملك شيئاً غيره اهـ (٣).

وقال ابن القيم: وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة، وهي (الله)، و (الرب)، و (الرحمن)؛ كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب، وكيف جمعت الخلق وفرقتهم؛ فلها الجمع، ولها الفرق.

فاسم (الرب) له الجمع الجامع لجميع المخلوقات؛ فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألَّهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل والرجاء والخوف والحب والإنابة والإخبات والخشية والتذلل والخضوع إلاَّ له، وهنا افترق الناس، وصاروا فريقين: فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة؛ فالإلهية هي التي فرقتهم كما أنَّ الربوبية هي التي جمعتهم؛ فالدين والشرع، والأمر والنهي –مظهره وقيامه- من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك، وهو ملك يوم الدين، فأمرهم بإلهيته، وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله، وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى إلخ (٤). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٤٦


(١) رواه مسلم (٤٧٩).
(٢) رواه أبو داود (١٢٧٧)، والترمذي (٣٥٧٩)، والنسائي (١/ ٢٧٩)، وابن ماجه (١٣٦٤)، وأحمد (٤/ ١١٣) (١٧٠٦٧)، والحاكم (١/ ٤٥٣). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال البيهقي في ((السنن الصغير)) (١/ ٣٢٦): صحيح. وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (٤/ ١٥، ٢٣): صحيح. وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (٢/ ٢٤٨): صحيح. وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٣/ ٦٩): رجال إسناده رجال الصحيح. وقال الألباني في ((صحيح الترمذي)): صحيح.
(٣) ((غريب القرآن)) (ص٩).
(٤) ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>