للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم]

جاءت آيات كثيرة بالأمر بطاعة الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بأسلوب الترغيب تارة، نحو قوله تعالى: وَأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: ١٣٢].

وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: ٦٩].

وبأسلوب الترهيب تارة أخرى، نحو قوله تعالى: قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران: ٣٢].

وقوله تعالى: وَأَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ [المائدة: ٩٢].

كما جاءت آيات تمدح المؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع البشرى العظيمة لهم بالفوز والفلاح، نحو قوله تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور: ٥١].

وأمر سبحانه عباده المؤمنين بالتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء: ٥٩].

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (قال مجاهد وغير واحد من السلف: أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة) (١).

وقال القرطبي في المقصود بالرد إلى الله والرسول: (أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، أو بالنظر في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم, هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة، وهو الصحيح) (٢).

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (أمر برد كل ما تنازع الناس فيه، من أصول الدين وفروعه، على الله والرسول، أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومهما، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى، يقاس عليه ما أشبهه. لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما فالرد إليهما شرط في الإيمان) (٣).

بل نجد من الآيات التي تنفي الاختيار عن كل مؤمن ومؤمنة، إذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أمر ما من الأمور.

يقول تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [الأحزاب: ٣٦].

وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه فامتنعت ثم أجابت، إلا أنها خطاب لكل مؤمن ومؤمنة، وعامة في كل الأمور.

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد ههنا، ولا رأي ولا قول) (٤).


(١) ((تفسير القرآن العظيم)) (١/ ٥١٨).
(٢) ((الجامع لأحكام القرآن)) (٥/ ٢٦١).
(٣) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) (٢/ ٨٩ - ٩٠).
(٤) ((تفسير القرآن العظيم)) (٣/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>