للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

هي الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان وأمها أم رومان بنت عويمر الكنانية، ولدت بعد المبعث بأربع سنوات أو خمس. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست ودخل بها وهي بنت تسع سنين وكان دخولها بها في شوال في السنة الأولى، وقيل في السنة الثانية من الهجرة.

وهي المبرأة من فوق سبع سموات، وكانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يتزوج بكراً غيرها، وكانت أفقه نساء الأمة على الإطلاق، فكان الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها، وقد توفي عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وكانت وفاتها رضي الله عنها في سنة ثمان وخمسين ليلة السابع عشر من رمضان وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنهم أجمعين ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها (١). العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط لسليمان السحيمي ص٨٨

١ - فضل عائشة رضي الله عنها في القرآن الكريم

أوجه دلالات آيات الإفك على فضلها رضي الله عنها

الفضيلة الأولى: إرادة الله تعالى الخير بها

هذا التعبير مستفاد من قوله تعالى: لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ [النور: ١١].

وقد تحدث المفسرون كل على طريقته في طبيعة هذا الخير فذكروا من ذلك:

أولاً: اكتساب الثواب العظيم والأجر الجزيل (٢).

يقول الرازي (صبروا على ذلك الغم طلباً لمرضاة الله فاستوجبوا به الثواب، وهذه طريقة المؤمنين عند وقوع الظلم بهم) (٣).

وحصول الأجر هو غاية منى الصالحين، والذي هو من علم الغيب، لا يقطع به؛ ولأجل هذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((وثبت الأجر إن شاء الله)) (٤).

فعلق على المشيئة؛ لأنه أمر غيبي.

هذا الأمر الغيبي صار بالنسبة لعائشة رضي الله عنها في أمر الإفك أصبح من علم الشهادة المقطوع به، قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: ٢٧].

ثانياً: إنزال ثماني عشرة آية من القرآن في شأنها (٥).

وهذه الآيات كل واحدة منها ناطقة بتعظيم شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تنزيه وتبريء لأم المؤمنين وذم ولعن للقاذفين، وهذا ترفيع من الله ولا شك (٦).

قال ابن كثير: (ومن خصائصها أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحياً يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة) (٧).

وهذا أحد الأمور التي ذكرها ابن عباس لعائشة يبشرها وهي في فراش الموت (٨).

ثالثاً: حصول البراءة القطعية (٩).


(١) ((الاستيعاب)) (٤/ ٣٥٧)، و ((الطبقات الكبرى)) (٧/ ٥٩).
(٢) ((الكشاف)) (٣/ ٥٤)، ((المحرر الوجيز)) (١٠/ ٤٥٣)، ((زاد المسير)) (٦/ ١٨)، ((روح المعاني)) (١٨/ ١١٥)، ((محاسن التأويل)) (١٢/ ٤٤٦٠).
(٣) ((مفاتيح الغيب)) (٢٣/ ١٥١).
(٤) جزء من حديث رواه أبو داود (٢٣٥٧)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٢/ ٢٥٥) (٣٣٢٩)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ١٨٥)، والحاكم (١/ ٥٨٤)، والبيهقي (٤/ ٢٣٩) (٨٣٩١). من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود، وحسن إسناده الدارقطني، وابن قدامة في ((المغني)) (٤/ ٤٣٨)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٢/ ٣٢٣) كما أشار لذلك في المقدمة، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٥) ((الكشاف)) (٣/ ٥٣).
(٦) ((المحرر الوجيز)) (١٠/ ٤٥٣)، ((مفاتيح الغيب)) (٢٣/ ١٥١).
(٧) ((تفسير القرآن العظيم)) (٦/ ٤٠٥).
(٨) الحديث رواه البخاري (٤٧٥٣).
(٩) ((المحرر الوجيز)) (١٠/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>