للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الخامس: الشك في حكم من أحكام الله أو خبر من أخباره]

ذكر علماء السنة أن من شروط لا إله إلا الله (اليقين المنافي للشك)، واستدلوا لذلك بنصوص كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم (( ... أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)) (١) وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ((اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة)) (٢)، قال الشيخ حافظ حكمي – رحمه الله - موضحاً هذا الشرط: (بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن، فكيف إذا دخله الشك، قال الله - عز وجل -: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: ١٥]، فاشترط في الصدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا، (٣) أي: لم يشكوا، فأما المرتاب فهو من المنافقين- والعياذ بالله- الذين قال الله تعالى فيهم: إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة: ٤٥]، ثم ذكر الحديثين السابقين وعلق عليهما قائلاً: (فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط) (٤).


(١) رواه مسلم، (٢٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (٣١).
(٣) الريب والريبة: الشك والظن والتهمة قال القتيبي: الريبة والريب: الشك، لا ريب فيه: لا شك فيه، قال تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ *البقرة: ٢* أي لا شك فيه، ((لسان العرب)) (١/ ٤٤٢) , قال ابن أبي حاتم: (لا أعلم في هذا خلافاً) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٧١) انظر ((تفسير الطبري)) (١/ ٢٢٨، ٢٢٩) تحقيق أحمد شاكر.
(٤) ((معارج القبول)) (١/ ٣٧٨، ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>