للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: تعريف التعطيل شرعاً

يختلف تعريف التعطيل باختلاف صوره فهناك:

١ - التعطيل المحض أو الكلي: وهو إنكار الخالق, وإنكار كلامه ودينه، وإنكار عبادته وشرائعه.

قال ابن القيم: (وأهل التعطيل المحض عطلوا الشرائع, وعطلوا المصنوع عن الصانع, وعطلوا الصانع عن صفات كماله، وعطلوا العالم عن الحق الذي خلق له وبه، فعطلوه عن مبدئه ومعاده وعن فاعله وغايته) (١).

وأهل هذا التعطيل هم الملاحدة الدهرية الطبائعية الذين ينكرون ما سوى هذا الوجود الذي يشاهده الناس ويحسونه، وهو وجود الأفلاك وما فيها (٢)، وقالوا: (إن العالم دائم لم يزل ولا يزال، ولا يتغير ولا يضمحل، وإن الأشياء ليس لها أول البتة) (٣).

٢ - أما تعطيل الأسماء والصفات: فهو نفي الصفات الإلهية عن الله وإنكار قيامها بذاته أو إنكار بعضها (٤).

أو: نفي الأسماء والصفات أو بعضها.

فتوحيد الأسماء والصفات له ضدان هما:

١ - التعطيل. ٢ - التمثيل.

فمن نفى صفات الرب عز وجل وعطلها؛ فقد كذب تعطيله توحيده، ومن شبهه بخلقه ومثله بهم؛ فقد كذب تشبيهه وتمثيله توحيده (٥).

والتعطيل في هذا الباب على قسمين:

القسم الأول: التعطيل المحض التام أو الكلي، وهو الذي عليه الجهمية والفلاسفة من إنكار جميع الأسماء والصفات.

والقسم الثاني: التعطيل الجزئي، وهو نوعان:

النوع الأول: إثبات الأسماء ونفي الصفات وهو الذي عليه المعتزلة ومن وافقهم.

النوع الثاني: نفي بعض الصفات دون بعض وهو الذي عليه الكلابية والأشاعرة والماتريدية.

والتعطيل هنا في هذا الباب يدخل فيه تعطيل الباري سبحانه وتعالى عن أسمائه وصفاته.

ويدخل فيه أيضاً تعطيل نصوص الأسماء والصفات الذي هو إنكار حقائقها وما دلت عليه وما تضمنته من المعاني.

٣ - تعطيل النبوات: وهو إنكار النبوات، كما هو حال البراهمة القائلين بحدوث العالم المثبتين للصانع ولكنهم ينكرون النبوات أصلاً. فالخلاف مع الخارجين عن الملة على ثلاثة أضرب:

١ - الخلاف مع المنكرين للصانع والقائلين بقدم العالم.

٢ - وخلاف مع القائلين بحدوث العالم المثبتين للصانع المنكرين للنبوات أصلاً كالبراهمة.

٣ - خلاف مع القائلين ببعض النبوات المنكرين لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم (٦).

قال ابن حزم: (ذهبت البراهمة وهم قبيلة بالهند فيهم أشراف الهند وهم يقولون بالتوحيد على نحو قولنا إلا أنهم أنكروا النبوات) (٧). مقالة التعطيل والجعد بن درهم لمحمد بن خليفة التميمي– ص: ١٧


(١) ((إغاثة اللهفان)) (٢/ ٢٦٨).
(٢) ((درء تعارض العقل والنقل)) (٥/ ١٦٨).
(٣) ((إغاثة اللهفان)) (٢/ ٢٥٦).
(٤) ((الكواشف الجلية عن معاني الواسطية)) (ص: ٨٧).
(٥) ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص: ٣٦).
(٦) ((نقض تأسيس الجهمية)) (١/ ١٤٠).
(٧) ((الفصل)) (١/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>