للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الشرك في الألوهية]

توحيد الألوهية: هو إفراد الله تعالى بأفعال العباد، أي: إفراده – جل وعلا – بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة، وأن لا يشرك به أحد كائناً من كان، ولا يصرف شيء من العبادة لغيره تعالى.

أي: أن الله تعالى وحده هو المعبود بحق، وأن ما سواه من المعبودات كلها باطل لا تستحق أي شيء من العبادة.

فمن اعتقد غير هذا، أو قال قولاً، أو فعل فعلاً، ينافي هذا المعنى، أو أنكر حق الله تعالى في ألوهيته، أو انتقص شيئاً منه، أو صرف شيئاً منه لغيره؛ فقد كفر، وارتد عن الإسلام.

فأكثر الأمم السابقة، وأكثر الناس في الإسلام وقعوا في الشرك أو الكفر في توحيد الألوهية؛ لأنهم لم يكونوا ينكرون ربوبية الله تعالى؛ بل أقروا بأن الله تعالى هو الرب والخالق والرازق والمحي والمميت، ولكنهم صرفوا شيئاً من العبادة لغيره تعالى؛ فجعلهم الله في عداد الكافرين بإشراكهم غيره في العبادة.

وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له؛ هي غاية الخالق – جل جلاله – من خلق عباده، ولذلك هي موضوع الامتحان للعبادة في الدنيا، قال تعالى:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦].

فكل اعتقاد، أو قول، أو عمل؛ يتضمن أحد هذين الأمرين يخرج صاحبه من الإسلام.

قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ [البقرة: ١٦٥].

وقال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢١ - ٢٢].

وقال: مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف: ٤٠].

الأمثلة من نواقض الإيمان في توحيد الألوهية والعبادة:

- عبادة أحد مع الله، أو دون الله، أو يُدعى مع الله تعالى، وأن يستغاث بغيره سبحانه؛ في جلب خير، أو دفع ضر، أو يتوكل عليه، أو يستعاذ به، أو يخاف منه، أو يرجى، أو يخضع له، أو يتقرب إليه بأي نوع من أنواع العبادة، أو يطاع الطاعة المطلقة، أو يحب كحب الله تبارك وتعالى، أو يعظم كتعظيم الله تعالى؛ سواء كان هذا المعظم أو المدعو ملكاً، أو نبيًّا، أو وليًّا، أو قبراً، أو حجراً، أو شجراً.

- الركوع، والسجود، والصوم، والطواف، والذبح، والنذر، والخشوع لغير الله تعالى.

- الطاعة والانقياد لغير الله تعالى، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

- الاعتقاد بأن لشخص حق تشريع ما لم يأذن به الله تعالى؛ من التحليل والتحريم وسن القوانين.

- الاعتقاد بأن شرع الله تعالى لا يصلح في هذا الزمان.

يكفر من أتى شيئاً من هذه النواقض، أو رضي بها، أو عمل بعضها، وإلى غير ذلك من النواقض التي تخص توحيد العبادة. الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري ص- ١٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>