للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: أفعال الله كلها عدل ورحمة وحكمة]

وقد نزه نفسه في غير موضع من القرآن أن يظلم أحدا من خلقه فلا يؤتيه أجره أو يحمل عليه ذنب غيره فقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [سورة طه: ١١٢] وقال تعالى: قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ [ق: ٢٨ - ٢٩] وقال تعالى: وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيْءٍ لِّما جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ [سورة هود:١٠١] وفي الحديث الصحيح الإلهي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)) (١) ذلك أمر محمود منه ولا يقول أحد إن الظالم معذور لأجل القدر فرب العالمين إذا أنصف بعض عباده من بعض وأخذ للمظلومين حقهم من الظالمين كيف يكون ذلك ظلما منه لأجل القدر وكذلك الواحد من العباد إذا وضع كل شيء موضعه فجعل الطيب مع الطيب في المكان المناسب له وجعل الخبيث مع الخبيث في المكان المناسب له كان ذلك عدلا منه وحكمة فرب العالمين إذا وضع كل شيء موضعه لم يجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ولم يجعل المتقين كالفجار ولا المسلمين كالمجرمين والجنة طيبة لا يصلح أن يدخلها إلا طيب ولهذا لا يدخلها أحد إلا بعد القصاص الذي ينظفهم من الخبث كما ثبت في (الصحيح) عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أن المؤمنين إذا عبروا الجسر وهو الصراط المنصوب على متن جهنم فإنهم يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة)) (٢)


(١) رواه مسلم (٢٥٧٧).
(٢) رواه البخاري (٦٥٣٥) بلفظٍ مقاربٍ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>