للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: هل الجن من الملائكة]

الجن ليسوا من الملائكة؛ لأن الملائكة خلقوا من نور, والجن خلقوا من نار قال الله - تعالى -: وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ [الحجر: ٢٧]. وثبت عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن الملائكة خلقوا من نور؛ ولأن الملائكة كما وصفهم الله - تعالى - بقوله: عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء: ٢٦ - ٢٧]. والجن فيهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي قال الله - تعالى -: قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ [الأعراف:٣٨]. وقال عن الجن: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الجن: ١٤ - ١٥]. وقال عنهم أيضًا: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [الجن:١١]. ولأن الملائكة - كما قال أهل العلم - صمد لا يأكلون ولا يشربون، والجن يأكلون ويشربون، فقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال للجن الذين وفدوا إليه: ((لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحمًا)) فتبين بهذه الأدلة أن الملائكة ليسوا من الجن فأما قوله - تعالى -: فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ [الحجر: ٣٠ - ٣١].

فإنما استثناه لأنه كان معهم حينذاك وليس منهم, ويبين ذلك قوله - تعالى - في سورة الكهف: فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف: ٥٠]. فعلل فسقه عن أمر ربه بكونه من الجن، ولو كان الملائكة من الجن لأمكن أن يفسقوا عن أمر ربهم كما فسق إبليس، وهذا الاستثناء يسمى استثناء منقطعًا كما يقول النحويون: (جاء القوم إلا حمارًا) (١) وهو كلام عربي فصيح، فاستثنى الحمار من القوم وإن لم يكن منهم. مجموع فتاوى ورسائل لابن عثيمين - ١/ ٢٨٥


(١) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص: ٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>