للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الْقِدَمُ

يُخْبَرُ عن الله عَزَّ وجلَّ بأنه قديم، لا صفةً له، والقديم ليس اسماً له

قال الحافظ ابن القيم: ((ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيَّاَ؛ كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه)) اهـ (١)

قال قوَّام السُّنَّة: فبيَّن (أي: النبي صلى الله عليه وسلم) مراد الله تعالى فيما أخبر عن نفسه، وبيَّن أن نفسه قديم غير فانٍ، وأن ذاته لا يوصف إلا بما وصف، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم اهـ (٢)

وفي الحديث الصحيح: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم؛ من الشيطان الرجيم)) (٣)

وفيه وصف سلطان الله عَزَّ وجلَّ بالقِدَم

وقد وصف شيخ الإسلام ابن تيمية عِلْمَ الله بالقِدَم في (الواسطية)، فقال: والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين، فالدرجة الأولى: الإيمان بأن الله عليمٌ بالخلق وهم عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوفٌ به أزلاً وأبداً (٤)

وقال في (مجموع الفتاوى): والناس متنازعون؛ هل يسمى الله بما صح معناه في اللغة والعقل والشرع، وإن لم يرد بإطلاقه نصٌ ولا إجماعٌ، أم لا يطلق إلا ما أطلق نص أو إجماع؟ على قولين مشهورين، وعامة النظار يطلقون ما لا نص في إطلاقه ولا إجماع؛ كلفظ (القديم) و (الذات) ونحو ذلك، ومن الناس من يفصل بين الأسماء التي يدعى بها، وبين ما يخبر به عند الحاجة؛ فهو سبحانه إنما يدعى بالأسماء الحسنى؛ كما قال: وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى، وأما إذا احتيج إلى الإخبار عنه؛ مثل أن يُقال: ليس هو بقديم، ولا موجود، ولا ذات قائمة بنفسها ونحو ذلك؛ فقيل في تحقيق الإثبات: بل هو سبحانه قديم، موجود، وهو ذات قائمة بنفسها، وقيل: ليس بشيء، فقيل: بل هو شيء؛ فهذا سائغ اهـ (٥)

وقال البيهقي: القديم هو الموجود لم يزل، وهذه صفة يستحقها بذاته (٦)

وقد عَدَّه السفاريني في (لوامع الأنوار) صفة لله تعالى، بل اسماً له، وعلق عليه الشيخ عبد الله بابطين بقوله: قوله: إن القديم اسم من أسمائه تعالى: فيه نظر من وجهين، إلى أن قال: وبذلك لا يصح إطلاق القديم على الله باعتبار أنه من أسمائه، وإن كان يصح الإخبار به عنه؛ كما قلنا: إنَّ باب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، والله أعلم (٧) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٢٤١


(١) ((بدائع الفوائد)) (١/ ١٦٢).
(٢) ((الحجة)) (١/ ٩٣).
(٣) رواه أبو داود (٤٦٦). من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. قال النووي في ((الأذكار)) (ص٨٦): حديث حسن رواه أبو داود بإسنادٍ جيد. وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (١/ ٢٧٧): هذا حديث حسن غريب، ورجاله موثقون، وهم من رجال الصحيح إلا إسماعيل وعقبة. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٤) ((العقيدة الواسطية)) (ص٢٠).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٩/ ٣٠٠و٣٠١).
(٦) ((الاعتقاد)) (ص٦٨).
(٧) ((لوامع الأنوار)) (١/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>