للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني: تعريف الردة]

الردة في اللغة:

صرف الشيء بذاته، أو بحالة من أحواله، يقال: رددته فارتد، ويقال: رده: أي صرفه. ورد الشيء عليه: لم يقبله منه.

والارتداد والردة:

الرجوع في الطريق الذي جاء منه لكن الردة تخص بالكفر، والارتداد يستعمل فيه وفي غيره، قال الله تعالى:

وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ [سورة المائدة:٢١]. أي: لا ترجعوا.

والردة اسم من الارتداد، وهو التحول والرجوع عن الشيء إلى غيره، ومنه الرجوع عن الإسلام.

والمرتد أي: الراجع، وهو الذي رجع عن دينه، وكفر بعد إسلامه (١).

الردة في الاصطلاح:

هي الكفر بعد الإسلام طوعا؛ إما باعتقاد، أو بفعل، أو بقول، أو شك.

و (هي قطع الإسلام بنية كفر، أو قول كفر، أو فعل مكفر؛ سواء قاله: استهزاء، أو عناداً، أو اعتقاداً) (٢).

قال الله تعالى: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [سورة البقرة:٢١٧]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) (٣).

واتفق أهل السنة والجماعة؛ بأن الردة لا تصح إلا من عاقل؛ فأما من لا عقل له؛ كالطفل، والمجنون، ومن زال عقله؛ بإغماء، أو نوم، أو مرض، أو شرب دواء يباح شربه؛ فلا تصح ردته، ولا حكم لكلامه بغير خلاف. الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري – ص٢٣٣

- وعرفها - محمَّد بن أحمد الخطيب الشربينيّ (الشافعيّ). ت:٩٧٧هـ - في - كتاب (الرِّدَّة): أعاذنا الله تعالى منها (هي) لغةً: الرُّجوع عن الشيء إلى غيره، وهي أفحشُ الكفر وأغلظُه حكماً، محبطةٌ للعمل. وشرعاً (قطع) استمرار (الإسلام) ودوامه، ويحصل قطعه بأمور: (بنيَّةِ) كفرٍ (أو) قطع الإسلام بسبب (قولِ كفرٍ أو فعلٍ) مُكَفِّرٍ ثم قسم القول ثلاثة أقسام بقوله: (سواء قاله استهزاء أو عناداً أو اعتقاداً) لقوله تعالى: قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:٥٦٠ - ٦٦] وكان الأَوْلى تأخيرُ القول في كلامه عن الفعل، لأَنَّ التَّقسيم فيه وخرج بذلك من سبق لسانُه إلى الكفر، أو أُكْرِه عليه، فإنَّه لا يكون مرتدا (والفعل المكفِّر ما تعمَّده) صاحبه (استهزاء صريحاً بالدِّين أو جحوداً له كإلقاء مصحف) (وسجودٌ لصنمٍ) (٤).

وعرفها - زين الدِّين بن عبد العزيز المليباري (الشافعي). ت:٩٨٧هـ

(الرِّدَّة لغةً: الرُّجوع وهي أفحش أنواع الكفر ويحبط بها العمل وشرعاً (قطعُ مكلَّف) مختار فتلغو من صبي ومجنون ومكره عليها إذا كان قلبه مؤمناً (إسلاماً بكفرٍ عزماً) حالاً أو مآلاً فيكفر به حالاً (أو قولاً أو فعلاً، باعتقادٍ) لذلك الفعل أو القول أي معه (أو) مع (عنادٍ) من القائل أو الفاعل (أو) مع (استهزاءٍ) أي استخفافٍ، بخلاف ما لو اقترن به ما يخرِجُه عن الرِّدَّة كسبق لسانٍ أو حكاية كفرٍ أو خوف) (٥).

- وعرفها - محمَّد عبد الرؤوف المناوي (الشافعي). ت:١٠٣١هـ

(الرِّدَّة لغةً: الرُّجوع عن الشَّيء إلى غيره. وشرعاً قطع الإسلام بنيَّةٍ أو قولٍ أو فعلٍ مُكَفِّر) (٦). التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد لعلوي بن عبد القادر السقاف – ص٨١


(١) انظر معاجم اللغة: ((لسان العرب)): (ج ٣، ص ١٧٢) و ((المفردات في غريب القرآن)) (ص ١٩١). و ((النهاية في غريب الحديث)) (ج٢، ص ٢١٤).
(٢) انظر ((قليوبي وعميرة)) ((كتاب الردة)) (ج ٤، ص ١٧٤) وهو حاشيتا الشيخين قليوبي وعميرة على شرح جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي في فقه الشافعي.
(٣) رواه البخاري (٣٠١٧). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) ((مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج)) (٦/ ٤٢٧). دار الكتب العلمية. ط١ – ١٤١٥هـ.
(٥) ((فتح المعين بشرح قرة العين بمهمَّات الدِّين)) (٤/ ١٣٢) مصطفى البابي الحلبي. ط٢ – ١٣٥٦هـ.
(٦) ((التوقيف على مهمّات التعاريف)) (ص ١٧٦) عالم الكتب ط١ – ١٤١٠هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>