للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- السيد، الصمد]

قال الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:٢] وقال النبي صلى الله عليه سلم: ((السيد الله تبارك وتعالى)) (١) و (السيد) يطلق على الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، والرئيس، والزوج ومتحمل أذى قومه والله عز وجل هو السيد الذي يملك نواصي الخلق ويتولاهم فالسؤدد كله حقيقة لله والخلق كلهم عبيده وهذا لا ينافي السيادة الإضافية المخصوصة بالأفراد الإنسانية فسيادة الخالق تبارك وتعالى ليست كسيادة المخلوق الضعيف (٢) شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني - ص١٢٦

(الصمد) قال عكرمة عن ابن عباس: (يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم) (٣) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (هو السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه, هذه صفته لا تنبغي إلا له, ليس له كفؤ وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار) (٤) وعن أبي وائل: (الصمد) الذي قد انتهى سؤدده ورواه عن ابن مسعود رضي الله عنه (٥) وعن زيد بن أسلم الصمد السيد وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه وقال الحسن أيضا: الصمد الحي القيوم الذي لا زوال له, وقال عكرمة: الصمد الذي لم يخرج منه شيء ولم يطعم وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضا وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك: الصمد الذي لا جوف له (٦) وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب وقال عبد الله بن بريدة أيضا: الصمد نور يتلألأ قال ابن كثير رحمه الله تعالى: روى ذلك كله وحكاه ابن أبي حاتم والبيهقي والطبراني, وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده قال الطبراني في كتاب السنة له بعد إيراده كثيرا من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكل هذه صحيحة, وهي صفات ربنا عز وجل, وهو الذي يصمد إليه في الحوائج, وهو الذي انتهى سؤدده, وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب وهو الباقي بعد خلقه وقال البيهقي نحو ذلك.

وروى الترمذي رحمه الله تعالى عن أبي بن كعب ((أن المشركين قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك, فأنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ)) (٧) والصمد الذي لم يلد ولم يولد, لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيورث وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء, قلت: وهذه السورة العظيمة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها تعدل ثلث القرآن)) (٨) مشتملة على توحيد الإلهية والربوبية والأسماء والصفات, جامعة بين الإثبات لصفات الكمال وبين التنزيه له تعالى عن الأشباه والأمثال, متضمنة الرد على جميع طوائف الكفر والاتحاد ومن نسب له الصاحبة والولد وغيرهم, تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا والله أعلم معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص١٧٤


(١) رواه أبو داود (٤٨٠٦)، وأحمد (٤/ ٢٤) (١٦٣٥٠). من حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الشوكاني في ((إخلاص كلمة التوحيد)) (ص٦٤): إسناده جيد. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٢) ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (٢/ ٤١٨). وانظر: ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) (١٣/ ١٦١).
(٣) انظر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٨/ ٥٢٨).
(٤) رواه الطبري (٢٤/ ٦٩٢) وابن أبي حاتم في تفسير سورة الإخلاص (١٠/ ٣٤٧٤)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (١/ ٣٨٣). قال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ١٥٠): ثابت عن عبد الله بن أبي صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة الوالبي، لكن يقال: إنه لم يسمع التفسير من ابن عباس، ولكن مثل هذا الكلام ثابت عن السلف. وقال الألباني في ((تصحيح العقائد)) (١١٩) فيه ضعف وانقطاع.
(٥) رواه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (٦٦٦). قال ابن تيمية في ((تلبيس الجهمية)) (١/ ٢٨٠): إسناده ثابت. وقال الألباني في ((ظلال الجنة)) (٦٦٦): إسناده حسن.
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٢٤/ ٦٩٠)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (٦٦٥، ٦٧٣، ٦٧٤، ٦٨٥، ٦٨٦، ٦٨٩)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (١/ ١٥٧).وقال الألباني في ((ظلال الجنة)) (٦٧٤) من طريق مجاهد: صحيح مقطوع.
(٧) رواه الترمذي (٣٣٦٤)، والحاكم (٢/ ٥٨٩). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. قال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن دون قوله: ((والصمد الذي. .. ((
(٨) رواه البخاري (٥٠١٣). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ومسلم (٨١٢). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>