للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أرض المحشر]

يحشر الناس إلى الشام في آخر الزمان وهي أرض المحشر كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة:

منها ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في ذكر خروج النار وفيه ((قال: قلنا يا رسول الله فماذا تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام)) (١).

وروى الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه فذكر الحديث وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((هاهنا تحشرون، هاهنا تحشرون، هاهنا تحشرون - ثلاثاً - ركباناً, ومشاة, وعلى وجوهكم)) قال ابن أبي بكير: فأشار بيده إلى الشام فقال: إلى هاهنا تحشرون (٢).

وفي رواية الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت: يا رسول الله أين تأمرني؟ قال: ((هاهنا ونحا بيده نحو الشام)) (٣).

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ستكون هجرة بعد هجرة, ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم, لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها, تلفظهم أرضوهم, تنذرهم نفس الله, تحشرهم النار مع القردة والخنازير, تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا, وتأكل من تخلف)) (٤).

قال ابن حجر: (وفي تفسير ابن عيينة عن ابن عباس: من شك أن المحشر هاهنا يعني الشام فليقرأ أول سورة الحشر، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: اخرجوا, قالوا: إلى أين؟ قال: إلى أرض المحشر) (٥).

والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر أن الأمن والإيمان حين تقع الفتن في آخر الزمان يكون بالشام. وقد جاء في فضله والترغيب في سكناه أحاديث صحيحة منها ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي؛ فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري، فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام)) (٦).

وأخرج الطبراني عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة. قلت: ما تحملون؟ فقالوا: عمود الكتاب أمرنا أن نضعه بالشام)) (٧).

وروى أبو داود بسنده إلى عبد الله بن حوالة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجندة, جند بالشام, وجند باليمن, وجند بالعراق, قال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك, فقال: عليك بالشام, فإنها خيرة الله من أرضه, يجتبي إليها خيرته من عباده, فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم, واسقوا من غدركم, فإن الله توكل لي بالشام وأهله)) (٨).

وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة كما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا)) (٩).

وقد تقدم أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام, وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال. أشراط الساعة ليوسف الوابل-ص: ٣٣١


(١) رواه الترمذي (٢٢١٧)، وأحمد (٢/ ٨) (٤٥٣٦)، وابن حبان (١٦/ ٢٩٤) (٧٣٠٥). قال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٦/ ٢٤٦)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٢) رواه أحمد (٤/ ٤٤٦) (٢٠٠٢٥). قال الوادعي في ((الصحيح المسند)) (١١٢٩): صحيح.
(٣) رواه الترمذي (٢١٩٢)، وأحمد (٥/ ٣) (٢٠٠٤٣)، والحاكم (٤/ ٦٠٨). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقوى إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (١١/ ٣٨٧).
(٤) رواه أبو داود (٢٤٨٢)، وأحمد (٢/ ٨٤) (٥٥٦٢). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٤٩٧)، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١١/ ١٥٣): إسناده صحيح.
(٥) ((فتح الباري)) (١١/ ٣٨٠) ((تفسير ابن كثير)) (٨/ ٨٤).
(٦) رواه أحمد (٥/ ١٩٨) (٢١٧٨١). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٦٠): رجال أحمد رجال الصحيح، وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٢/ ٤٢٠).
(٧) رواه الطبراني في ((مسند الشاميين)) (١/ ٣٤٥) (٦٠١). وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٦١): رجاله رجال الصحيح غير صالح بن رستم وهو ثقة، وحسن إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٢/ ٤٢٠).
(٨) رواه أبو داود (٢٤٨٣). وسكت عنه، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٤٩٨)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٩) رواه البخاري (٧٠٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>