إذا انتهى الناس إلى الموقف الذي أعده الله تبارك وتعالى مكاناً لاجتماع خلقه فيه، وشرفه جل وعلا بنزوله فيه لفصل القضاء بين عباده؛ فإن الخلق يكونون فيه على ما لا يتصور ولا يدرك كنهه من القلق والخوف العظيم، وقد جاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة أوصافاً كثيرة لهذا الموقف العظيم.
فالشمس فوق رؤوسهم، والعرق قد بلغ من كل واحد قدر عمله، حتى إن منهم من يلجمه إلجاماً، وهم وقوف حفاة عراة غرلاً، شاخصة أبصارهم إلى السماء، ينتظرون فصل القضاء، لا ينظر أحد إلى أحد، يفر الحميم من حميمه، والقريب من قريبه، قد ملئت قلوبهم بما يشغلها، وكيف لا تملأ وهم ينتظرون إما ناراً حامية، وإما جنة عالية.
كل واحد يتذكر ما سعى وما قدم لهذا الموقف العظيم؛ لا شغل له إلا ذلك، حتى يفصل الله بينهم، ويتبين مصير كل واحد منهم الحياة الآخرة لغالب عواجي- ١/ ٢٤٣