للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

مما لا شك فيه أن العلماء كغيرهم من الناس بل هم عرضة للخطأ والغفلة والسهو فقد تقع منهم الأخطاء ولذلك نسب النبي صلى الله عليه وسلم الخطأ إلى أبي بكر الصديق. فقال له: ((أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً)) (١) وذلك لما طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمح له بتعبير رؤيا.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)) (٢).

قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في (مجموع الفتاوى): ( .... فأما الصديقون والشهداء والصالحون فليسوا بمعصومين وهذا في الذنوب المحققة وأما ما اجتهدوا فيه فتارة يصيبون وتارة يخطئون فإذا اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران وإذا اجتهدوا وأخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم وخطؤهم مغفور لهم) (٣)، ويقول الإمام الشاطبي كما في (الاعتصام): ( ... فعلى كل تقدير لا يتبع أحد من العلماء إلا من حيث هو متوجه نحو الشريعة قائم بحجتها حاكم بأحكامها جملة وتفصيلاً وأنه متى وجد متوجهاً غير تلك الوجهة في جزئية من الجزئيات أو فرع من الفروع لم يكن حاكماً ولا استقام أن يكون مقتدى به فيما حاد فيه عن صوب الشريعة البتة) (٤).

وقال في (الموافقات): (إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليداً له وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ولذلك عدت زلة وإلا فلو كانت معتداً بها لم يجعل لها الرتبة ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها) (٥). تحذير الفضلاء من اتباع زلات العلماء – عقيل بن محمد بن زيد المقطري - ص: ١٧


(١) رواه البخاري (٧٠٤٦). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) رواه الترمذى (٢٤٩٩)، وابن ماجه (٤٢٥١)، وأحمد (٣/ ١٩٨) (١٣٠٧٢)، والدارمى (٢/ ٣٩٢) (٢٧٢٧)، والحاكم (٤/ ٢٧٢). قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٤١٤): صحيح، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٢/ ٤٤٨): كما أشار إلى ذلك في المقدمة.
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ٦٩).
(٤) ((الاعتصام)) (٢/ ٨٦٢).
(٥) ((الموافقات)) (٤/ ١٧٠ - ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>