للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الصفة]

يجوز إطلاق هذه اللفظة وإضافتها إلى الله تعالى، فتقول: صفة الله، وصفة الرحمن، ومن صفاته وأوصافه كذا ونحو ذلك، وهذا ثابت بمفهوم القرآن ومنطوق السنة.

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون [الصافات:١٨٠].

وسيأتي توجيه ابن حجر للآية.

الدليل من السنة:

حديث عائشة رضي الله عنها؛ ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته، فيختم بـ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فلما رجعوا؛ ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه: لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه)) (١).

وقد بوَّب البخاري رحمه الله في كتاب التوحيد من (صحيحه): باب: قول الله تعالى: وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ، ومن حلف بعزة الله وصفاته.

وقال: باب: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ؛ فسمى الله تعالى نفسه شيئاً، وسمى النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن شيئاً، وهو صفةٌ من صفاته اهـ.

ومن طالع كتب السلف رحمهم الله؛ كـ (كتاب التوحيد) لابن خزيمة، و (كتاب التوحيد) لابن منده، و (رد الدارمي على المريسي)، وغيرهم؛ وجد أنهم يستخدمون ذلك كثيراً.

وأنكر ابن حزم إطلاق الصفة، ورد عليه الحافظ فقال: وفي حديث الباب حجة لمن أثبت أن لله صفةً، وهو قول الجمهور، وشذَّ ابن حزم، فقال: هذه لفظة اصطلح عليها أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه، فإن اعترضوا بحديث الباب؛ فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف قال: وعلى تقدير صحته؛ فـ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ صفة الرحمن كما جاء في هذا الحديث، ولا يزاد عليه؛ بخلاف الصفة التي يطلقونها؛ فإنها في لغة العرب لا تطلق إلا على جوهرٍ أو عَرَضٍ كذا قال! وسعيد متفق على الاحتجاج به؛ فلا يلتفت إليه في تضعيفه، وكلامه الأخير مردود باتفاق الجميع على إثبات الأسماء الحسنى، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:١٨٠] وقال بعد أن ذكر منها عدة أسماء في آخر سورة الحشر: لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الحشر:٢٤]، والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات، ففي إثبات أسمائه إثبات صفاته؛ لأنه إذا ثبت أنه حي مثلاً؛ فقد وُصف بصفة زائدة على الذات، وهي صفة الحياة، ولولا ذلك؛ لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط، وقد قال سبحانه وتعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون، فنَزَّه نفسه عما يصفونه به من صفة النقص، ومفهومه أن وصفه بصفة الكمال مشروع اهـ (٢).

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في (شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري) (٣) بعد إيراده جملة من آيات وأحاديث الصفات، منها حديث عائشة؛ قال: وقال الله تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون [الصافات:١٨٠]، وهذا من إضافة الموصوف إلى صفته، فثبت بهذه النصوص وغيرها كثير أن لله صفات، وأن كل اسم تسمى الله به يدل على الصفة؛ لأن الأسماء مشتقة من الصفات وانظر: (النعت). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٩٢


(١) رواه البخاري (٧٣٧٥)، ومسلم (٨١٣).
(٢) ((فتح الباري)) (١٣/ ٣٥٦).
(٣) (١/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>