للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: فوائد الإنكار بالقلب وثمراته]

١ - أنه أقل درجات الإنكار المطلوبة وبه يسلم المرء من العقوبة.

٢ - هذا الإنكار القلبي يدل على عدم الرضا بالمنكر وكراهيته والنفور منه، وقد جاء عن عرس بن عميرة الكندي –رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم – قال: ((إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها وكرهها – وفي رواية – فأنكرها – كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)) (١). وجاء في حديث أم سلمة –رضي الله عنها- مرفوعاً: ((ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ... )) (٢).

٣ - حفظ حيوية القلب وصفائه، فإن القلب يتأثر بكثرة رؤية المنكرات، وقد يألفها إذا لم ينكرها، وتذهب حساسية القلب تجاهها فلا يصير يتألم لرؤيتها.

٤ - أن هذا الإنكار القلبي يعني الرفض للمنكر والتربص به، فصاحبه –أي الإنكار بالقلب- عازم على تغييره بمجرد استطاعته. قال سيد – رحمه الله -: وليس هذا موقفاً سلبياً من المنكر – كما يلوح في بادئ الأمر – وتعبير الرسول – صلى الله عليه وسلم بأنه تغيير دليل على أنه عمل إيجابي في طبيعته.

فإنكار المنكر بالقلب معناه احتفاظ هذا القلب بإيجابيته تجاه المنكر .. إنه ينكره ويكرهه ولا يستسلم له، ولا يعتبره الوضع الشرعي الذي يخضع له ويعترف به .. وإنكار القلوب لوضع من الأوضاع قوة إيجابية لهدم هذا الوضع المنكر، ولإقامة الوضع (المعروف) في أول فرصة تسنح، وللتربص بالمنكر حتى تواتي هذه الفرصة .. وهذا كله عمل إيجابي في التغيير .. وهو على كل حال أضعف الإيمان.

فلا أقل من أن يحتفظ المسلم بأضعف الإيمان، أما الاستسلام للمنكر لأنه واقع. ولأن له ضغطاً – قد يكون ساحقاً – فهو الخروج من آخر حلقة، والتخلي حتى عن أضعف الإيمان، هذا وإلا حقت على المجتمع اللعنة التي حقت على بني إسرائيل ا. هـ (٣). الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخالد بن عثمان السبت – ص ٣٤٣


(١) رواه أبو داود (٤٣٤٥)، والطبراني (١٧/ ١٣٩) (١٤٠٣٣). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ٤٨٤) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٧١٦)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن.
(٢) رواه مسلم (١٨٥٤).
(٣) ((الظلال)) (٦/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>