للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: مسلك ذكر الآيات الدالة على الربوبية]

وهي العلامات المخلوقة المحكمة الإتقان:

فدلالتها من جهة أنها مخلوقة محدثة، ومن جهة إحكامها وإتقانها، قال الله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: ٢٠ - ٢١]. فلينظر الإنسان إلى آثار قدرة الله فيه والتدبير منذ أن كان نطفة في رحم أمه، ثم تنقله من طور إلى آخر إلى خروجه إلى الدنيا وله من الأعضاء والحواس مما يظهر آثار الإحكام الإلهي.

وهكذا إذا نظر الإنسان في أمر هذا العالم وما فيه من السير الدقيق المنظم البديع، فإنه يحصل له العلم بأن له خالقاً خلقه بعلم وحكمة.

قوله تعالى: اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ [إبراهيم: ٣٢ - ٣٣].

قال الحافظ ابن رجب: (وأخبر سبحانه وتعالى أنه إنما خلق السموات والأرض ونزل الأمر لنعلم بذلك قدرته وعلمه، فيكون دليلاً على معرفته ومعرفة صفاته، كما قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق: ١٢]) (١) اهـ. منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد بن عبد اللطيف – ١/ ٢٧٨

ومن الأدلة الشرعية على توحيد الربوبية: ... قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ [الأنعام: ١]

قوله تعالى: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: ١].

قوله تعالى: قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد: ١٦].

وقوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم: ٤٠].

وقوله تعالى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ [لقمان: ١١].

وقوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: ٣٥ - ٣٦].

وقوله تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم: ٦٥].

طريقة القرآن في الاستدلال على توحيد الربوبية:

سلك القرآن عدداً من الأساليب ... منها:

أولاً: الاستدلال باستحالة صدور الوجود من عدم كما في قوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: ٣٥ - ٣٦].

وصورة هذا الدليل في الآية:


(١) ((شرح حديث أبي الدرداء في طلب العلم)) (ص: ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>